( فصل ) في موجب المؤن ومسقطاتها ( الجديد أنها ) أي : المؤن السابقة من نحو نفقة وكسوة ( تجب ) يوما بيوم أو فصلا بفصل ، أو كل وقت اعتيد فيه التجديد ، أو دائما بالنسبة للمسكن والخادم على ما مر ومنه أن تقول [ ص: 322 ] مكلفة ، أو سكرانة ، أو ولي غيرهما متى دفعت المهر الحال سلمت قال بعضهم : بشرط ملازمتها لمسكنه وفيه نظر ؛ لأن حبسها لنفسها الجائز لها يشمل امتناعها من مسكنه أيضا ؛ لأنه المقصر ، وذلك ؛ لأنها في مقابلته ، ويثبت بإقراره وبشهادة البينة به ، أو بأنها في غيبته باذلة للطاعة ملازمة للمسكن ، ونحو ذلك ولها مطالبته بها إن أراد سفرا طويلا كما قاله ( بالتمكين ) التام الدارمي والبغوي : ولا غرابة فيه خلافا لأبي زرعة فيلزم القاضي إجابتها لذلك ويفرق بينها وبين من له دين مؤجل فإنه لا منع له ، وإن كان يحل عقب الخروج بأن الدائن ليس في حبس المدين ، وهو المقصر برضاه بذمته ، ولا كذلك الزوجة فيهما إذ لا تقصير منها ، وهي في حبسه فلو مكناه من السفر الطويل بلا نفقة ولا منفق لأدى ذلك إلى إضرارها بما لا يطاق الصبر عليه لا سيما الفقيرة التي لا تجد منفقا فاقتضت الضرورة إلزامه ببقاء كفايتها عند من يثق به لينفق عليها يوما فيوما وكبقاء مال لذلك دينه على موسر مقر باذل وجهة ظاهرة اطردت العادة باستمرارها فيما يظهر في الكل ، ومثلها بعضه الذي يلزمه إنفاقه فيلزمه أن يترك له ما ذكر ، أو قطع السبب بفراقها ، وخرج بالتام ما لو مكنته ليلا فقط مثلا ، أو في دار مخصوصة مثلا فلا نفقة لها وبحث الإسنوي أنه لو حصل التمكين وقت الغروب فالقياس وجوبها بالغروب قال شيخنا عقبه والظاهر أن مراده وجوبها بالقسط فلو حصل ذلك وقت الظهر فينبغي وجوبها كذلك من حينئذ انتهى . ورجح البلقيني أنه لا يجب القسط مطلقا ويتردد النظر في المراد بالقسط هل هو باعتبار توزيعها على الزمن كله أعني من الفجر إلى الفجر فتحسب حصة ما مكنته من ذلك ، وتعطاها ، أو على اليوم فقط ، أو على وقتي الغداء والعشاء كل محتمل والأقرب الأول بل قول الإسنوي فالقياس وجوبها بالغروب صريح فيه إذ الظاهر أن مراده وجوبها به بالقسط لا مطلقا كما أفاده الشيخ ، فإن قلت : ينافي ذلك قولهم تسقط نفقة اليوم بليلته بنشوز لحظة ، ولا توزع على زماني الطاعة والنشوز ؛ لأنها لا تتجزأ ومن ثم سلمت دفعة ، ولم تفرق غدوة وعشية قلت : يفرق بأنه تخلل هنا مسقط فلم يمكن التوزيع معه لتعديها به غالبا بخلافه ثم فإنه لا مسقط فوجب توزيعها على زمن التمكين وعدمه إذ لا تعدي هنا أصلا فإن قلت قياس ذلك أنها لو منعته من التمكين بلا عذر ، ثم سلمت أثناء اليوم مثلا لم توزع [ ص: 323 ] قلت القياس ذلك ، وسيأتي عن الأذرعي ما يؤيده قال البلقيني : ومقتضى كلام الرافعي في الفسخ بالإعسار أن ليلة اليوم في النفقات هي التي بعده ، وسببه أن عشاء الناس قد يكون بعد الغروب ، وقد يكون قبله فلتكن ليالي النفقة تابعة لأيامها ( لا العقد ) بخلاف المهر ؛ لأن جملتها في مدة العقد مجهولة ، والعقد لا يوجب مالا مجهولا ولأنها تخالف المهر ، والعقد لا يوجب عوضين مختلفين ( فإن ) ( صدق ) بيمينه ؛ لأن الأصل عدمه ومن ثم لو اتفقا عليه ، وادعى سقوطه بنشوزها فأنكرت صدقت ؛ لأن الأصل حينئذ بقاؤه ( فإن لم تعرض عليه ) من جهة نفسها ، أو وليها ( مدة فلا نفقة ) لها ( فيها ) أي : تلك المدة ، وإن لم يطالبها لعدم التمكين ، وقضيته أنه لا فرق بين علمها بالنكاح ، وعدمه فلو عقد وليها إجبارا وهي رشيدة ولم تعلم فتركت العرض مدة ، ثم علمت لم تجب لها مؤنة تلك المدة وفيه نظر ؛ لأنها الآن معذورة بعدم العلم ، وهو مقصر بعدم الطلب ، وقد يجاب بأن المؤن إنما هي في مقابلة التمكين فمتى وجد وجدت ، ومتى انتفى انتفت ، ولا نظر لذلك التقصير ألا ترى أنه لو طلقها بائنا ، ولم تعلم إلا بعد مدة لم تلزمه مؤنة تلك المدة ، وإن قصر بعدم إعلامها ، وقد سئلت عمن ( اختلفا فيه ) أي : التمكين بأن ادعته فأنكره ، وقياس ما تقرر عدم اللزوم سواء أقلنا الرجعة ابتداء أم استدامة ؛ لأنها إن كانت ابتداء فقد علم أنه لا بد من التمكين ؛ لأن الجهل بالنكاح غير عذر ، أو استدامة فواضح ؛ لأنها بالرجعة عادت للنكاح الذي كانت لا تستحق فيه مؤنة فيستصحب عليها حكمه فإن قلت : يأتي قريبا أن كون الامتناع منه يجعله كالمتسلم لها وهذا ينافي ما تقرر قلت : لا ينافيه ؛ لأنها ثم عرضت نفسها عليه فامتنع فعدت ممكنة ، ولا كذلك هنا فإنه لا عرض منها أصلا فلا تمكين ( وإن عرضت ) كذلك عليه إن كان مكلفا وإلا فعلى وليه بأن أرسلت له غير المحجورة أو ولي المحجورة أني ممكنة ، أو ممكن ( وجبت ) النفقة ، والكسوة ونحوهما ( من بلوغ الخبر ) له ؛ لأنه المقصر حينئذ ( فإن غاب ) الزوج عن بلدها ابتداء ، أو بعد تمكينها ، ثم نشوزها كما يأتي ، ثم أرادت عرض نفسها لتجب مؤنتها رفعت الأمر للحاكم ، وأظهرت له التسليم وحينئذ ( كتب الحاكم ) وجوبا كما هو ظاهر ( لحاكم بلده ) إن عرف ( ليعلمه ) بالحال [ ص: 324 ] ( فيجيء ) لها ( أو يوكل ) من يتسلمها له أو يحملها إليه ، وتجب مؤنتها من وصول نفسه ، أو وكيله ( فإن لم يفعل ) ذاك مع قدرته عليه ( ومضى ) بعد أن بلغه ذلك ( زمن ) إمكان ( وصوله ) إليها ( فرضها القاضي ) في ماله من حين إمكان وصوله وجعل كالمتسلم لها ؛ لأن الامتناع منه ، أما إذا لم يعرف فليكتب لحكام البلاد التي تردها القوافل عادة من تلك البلاد ليطلب ، وينادي باسمه فإن لم يظهر فرض الحاكم نفقتها الواجبة على المعسر ما لم يعلم أنه بخلافه في ماله الحاضر ، وجزم بعضهم بأن له فرض الدراهم ومر أول الباب ما يرده [ ص: 325 ] وأخذ منها كفيلا بما تأخذه منه لاحتمال عدم استحقاقها فإن لم يكن له مال حاضر احتمل أن يقال : إنه يفترض عليه ، أو يأذن لها في الاقتراض ، وأما إذا منعه من السير ، أو التوكيل عذر فلا يفرض عليه شيئا لعدم تقصيره ، ورجح طلق ناشزة ، ثم راجعها ولم يعلمها بالرجعة فهل يلزمه مؤنتها قبل العلم الأذرعي ، وغيره قول الإمام يكتفى بعلمه من غير جهة الحاكم ، ولو بإخبار مقبول الرواية ( والمعتبر في مجنونة ومراهقة ) قيل : الأحسن ومعصر ؛ لأن المراهقة وصف مختص بالغلام يقال : غلام مراهق ، وجارية معصر ومر ما فيه في النكاح ( عرض ولي ) لها لا هي ؛ لأنه المخاطب بذلك نعم لو تسلم المعصر بعد عرضها نفسها عليه ، ونقلها لمنزله لزمه نفقتها ، وبحث الأذرعي أن نقلها لمنزله غير شرط بل الشرط التسليم التام ويظهر أن عرضها نفسها عليه غير شرط أيضا بل متى تسلمها ، ولو كرها عليها وعلى وليها لزمه مؤنتها ، وكذا فتسلمها ، وإن لم يأذن وليه ؛ لأن له يدا عليها بخلاف نحو مبيع له . تجب بتسليم بالغة نفسها لزوج مراهق