الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 194 ] قال ( فإن صالح الكفيل رب المال عن الألف على خمسمائة فقد برئ الكفيل والذي عليه الأصل ) لأنه أضاف الصلح إلى الألف الدين وهي على الأصيل فبرئ عن خمسمائة لأنه إسقاط وبراءته توجب براءة الكفيل ، ثم برئا جميعا عن خمسمائة بأداء الكفيل ، ويرجع الكفيل على الأصيل بخمسمائة إن كانت الكفالة بأمره ، بخلاف ما إذا صالح على جنس آخر لأنه مبادلة حكمية فملكه فيرجع بجميع الألف ، ولو كان صالحه عما استوجب بالكفالة لا يبرأ الأصيل ; لأن هذا إبراء الكفيل عن المطالبة .

التالي السابق


( قوله فإن صالح الكفيل رب المال عن الألف على خمسمائة ) إن شرط براءتهما جميعا عن الخمسمائة أو شرط براءة المطلوب برئا جميعا ، وإن شرط براءة الكفيل وحده برئ الكفيل عن خمسمائة والألف بتمامها على الأصيل فيرجع الكفيل بخمسمائة إن كان بأمره والطالب بخمسمائة ، بخلاف ما لو صالحه على خمسمائة على أن يهب له الباقي حيث يرجع الكفيل بألف ، وإن لم يشرطا براءة واحد منهما بأن لم يزد على قوله صالحتك عن الألف على خمسمائة وهي مسألة الكتاب ( برئا جميعا ) عن خمسمائة ( لأنه ) أي الكفيل ( أضاف الصلح إلى الألف الدين وهو ) أي الدين ( على الأصيل ) فيبرأ الأصيل ( من خمسمائة ) ومن ضرورته أن يبرأ الكفيل منها على ما ذكرنا ويرجع الكفيل على الأصيل بالخمسمائة التي أوفاها ولا خلاف في هذا ( بخلاف ما لو صالح بجنس آخر لأنه ) أي الصلح بجنس آخر ( مبادلة فيملكه ) أي الدين ( فيرجع بجميع الألف ) وعند الأئمة الثلاثة يرجع بالأقل من الدين ومن قيمة السلعة التي صالح بها ; لأنه أوفى هذا القدر ، ولا يجعل الصلح بجنسه مبادلة ; لأن الخمسمائة لا تجعل عوضا عن الألف لما فيه من الربا ، ولا يمكن تمليكها من الكفيل لأن تمليك الدين من غير من عليه الدين لا يجوز .

ولا يمكن أن تجعل واجبة في ذمة الكفيل تصحيحا للصلح مع الكفيل حتى تصير البراءة عن خمسمائة مشروطة للكفيل كما لو صالح على خلاف الجنس ; لأن وجوبها في ذمة الكفيل عند الحاجة إلى التمليك ، وفي خلاف الجنس يحتاج إلى التمليك وفي الجنس لا يحتاج لما فيه من الربا ، بل هو إسقاط الخمسمائة فكانت البراءة عن خمسمائة مشروطة للأصيل فتسقط عنهما ، ثم يرجع الكفيل على الأصيل بخمسمائة إذا كان كفل بأمره ( ولو كان صالحه عما استوجب بالكفالة لا يبرأ الأصيل ) لأن الواجب بالكفالة المطالبة والبراءة منها من الكفالة فيبقى حال المطالبة على ما كان قبل الكفالة ، وجعل في النهاية صورة هذه المسألة ما في المبسوط لو صالحه على مائة على إبراء الكفيل خاصة من الباقي رجع الكفيل على الأصيل بمائة ورجع الطالب على الأصيل بتسعمائة لأن إبراء الكفيل فسخ للكفالة .




الخدمات العلمية