الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ) [ ص: 416 ] وقال الشافعي رحمه الله : لا تقبل لأنه أغلظ وجوه الفسق . ولنا أنه فسق من حيث الاعتقاد وما أوقعه فيه إلا تدينه به وصار كمن يشرب المثلث أو يأكل متروك التسمية عامدا مستبيحا لذلك ، بخلاف الفسق من حيث التعاطي .

أما الخطابية فهم من غلاة الروافض يعتقدون الشهادة لكل من حلف عندهم . وقيل يرون الشهادة لشيعتهم واجبة فتمكنت التهمة في شهادتهم .

التالي السابق


( قوله وتقبل شهادة أهل الأهواء ) كلهم من المعتزلة والقدرية والخوارج . [ ص: 416 ] وسائرهم تقبل شهادتهم على مثلهم وعلى أهل السنة ، إلا الخطابية وهم طائفة من الروافض لا لخصوص بدعتهم وهواهم بل لتهمة الكذب ، لما نقل عنهم أنهم يشهدون لمن حلف لهم أنه محق أو يرون وجوب الشهادة لمن كان على رأيهم ، وهو الذي ذكره المصنف ، فمنع قبول شهادتهم لشيعتهم لذلك ولغير شيعتهم للأمر الأول . وما نقله المصنف عن الشافعي هو قول مالك وأبي حامد من الشافعية . وأما قول الشافعي فكقولنا بلا اختلاف . وجه قول مالك ما ذكر أن البدعة في الاعتقاد من أعظم الفسوق فوجب رد شهادته بالآية . ولنا أن صاحب الهوى مسلم غير متهم بالكذب لتدينه بتحريمه حتى أنه ربما يكفر به كالخوارج فهو أبعد من التهمة به . وأما الآية فإنها مخصوصة بالفسق من حيث الاعتقاد مع الإسلام . فكان المراد منها الفسق الفعلي ، ولذا قال محمد بقبول شهادة الخوارج إذا اعتقدوا ولم يقاتلوا ، فإذا قاتلوا ردت شهادتهم لإظهار الفسق بالفعل . والدليل على التخصيص اتفاقنا على قبول رواياتهم للحديث . وفي صحيح البخاري كثير منهم مع اعتماده الغلو في الصحة مع أن قبول الرواية أيضا مشروط بعدم الفسق بظاهرها وبالمعنى ، وهو أن رد شهادة الفاسق لتهمة الكذب وذلك منتف فيهم . والخطابية نسبة إلى أبي الخطاب وهو محمد بن أبي وهب الأجدع ، وقيل محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع . وخرج أبو الخطاب بالكوفة وحارب عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن عباس وأظهر الدعوة إلى جعفر فتبرأ منه جعفر ودعا عليه فقتل هو وأصحابه قتله وصلبه عيسى بالكنائس .




الخدمات العلمية