الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 252 ] قال ( ولا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ) أما الأول فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة [ ص: 253 ] لأن كل واحد منهما من باب الولاية ، فكل من كان أهلا للشهادة يكون أهلا للقضاء وما يشترط لأهلية الشهادة يشترط لأهلية القضاء .

التالي السابق


( قوله لا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ) هذا لفظ القدوري . وذكر المولى على لفظ المفعول للإشعار بأنه ألقى عليه الفعل من غير طلب له منه كما هو الأولى ( أما الأول ) وهو أنه لا بد أن يكون من أهل الشهادة ( فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة ) يعني : كل من القضاء والشهادة [ ص: 253 ] يستمد من سر واحد هو شروط الشهادة من الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وكونه غير أعمى ولا محدودا في قذف ، والكمال فيه أن يكون عدلا عفيفا عالما بالسنة وبطريق من كان قبله من القضاة .

[ فرع ]

قلد عبد فعتق جاز أن يقضي بتلك الولاية من غير حاجة إلى تجديد ، كما لو تحمل الشهادة حال الرق ثم عتق ، كذا في الخلاصة في أول كتاب القضاء . وذكر بعد ورقة : لو قلد قضاء مصر لصبي فأدرك ليس له أن يقضي بذلك الأمر ، ولو قلد كافر القضاء فأسلم قال محمد : هو على قضائه ، ولا يحتاج إلى تولية ثانية فصار الكافر كالعبد . والفرق أن كلا منهما له ولاية وبه مانع ، وبالعتق والإسلام يرتفع ، أما الصبي فلا ولاية له أصلا . وما في الفصول : لو قال لصبي أو كافر إذا أدركت فصل بالناس أو اقض بينهم جاز لا يخالف ما ذكر في الصبي ، لأن هذا تعليق الولاية والمعلق معدوم قبل الشرط ، وما تقدم تنجيز ، وإذا لم تصح ولاية الصبي قاضيا لا يصح سلطانا ، فما في زماننا من تولية ابن صغير للسلطان إذا مات فقد سأله في فتاوى النسفي وصرح بعدم ولايته وقال : ينبغي أن يكون الاتفاق على وال عظيم يصير سلطانا ، وتقليد القضاء منه غير أنه يعد نفسه تبعا لابن السلطان تعظيما وهو السلطان في الحقيقة انتهى . ومقتضى هذا أنه يحتاج إلى تجديد بعد بلوغه ، وهذا لا يكون إلا إن عزل ذلك الوالي العظيم نفسه من السلطنة ، وذلك أن السلطان لا ينعزل إلا بعزله نفسه وهذا غير واقع . وأما الذكورة فليست بشرط إلا للقضاء في الحدود والدماء فتقضي المرأة في كل شيء إلا فيهما .




الخدمات العلمية