الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 497 ] قال ( وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله .

وقالا : لا يضمنون لأنهم أثنوا على الشهود خيرا فصاروا كشهود الإحصان . وله أن التزكية إعمال للشهادة ، إذ القاضي لا يعمل بها إلا بالتزكية فصارت بمعنى علة العلة ، بخلاف شهود الإحصان لأنه شرط محض

التالي السابق


( قوله وإن رجع المزكون عن التزكية ) بعد القضاء بالمال ( ضمنوا ) المال أطلقه القدوري . وذكر المصنف وغيره أن ذلك قول أبي حنيفة رحمه الله .

وعندهما لا يضمنون لأن القضاء الذي به الإتلاف لم يقع بالتزكية بل بالشهادة فلم يضف التلف إليهم فلا يضمنون ( وصاروا كشهود الإحصان ) إذا رجعوا بعد الرجم لا يضمنون الدية باتفاقنا . ولأبي حنيفة رحمه الله أن التزكية علة إعمال الشهادة والشهادة علة التلف فصار التلف مضافا إلى التزكية لأن الحكم يضاف إلى علة العلة كما يضاف إلى العلة بخلاف الإحصان لأنه ليس العلة في القتل بل العلة فيه الزنا ، والإحصان ليس مثبتا للزنا فشهوده لا يثبتون الزنا ، فليس علة لعلة القتل ليجب الضمان بل هو شرط محض : أي عند وجوده فيكون الحد كذا ، وتمام المؤثر في الحد رجما كان أو جلدا ليس إلا الزنا ، إلا أنه قد يقال من طرفهما إن الحكم لا يضاف إلى علة العلة إلا عند عدم العلة وعند وجودها لا يضاف إلا إليها . وهذا فرع ذكره في المبسوط : شهدوا بالزنا وزكوا وقال المزكون هم أحرار مسلمون فرجم ثم تبين أنهم عبيد أو كفار ، فإن ثبت المزكون على أنهم أحرار مسلمون لا ضمان عليهم ولا على الشهود ، أما الشهود فلأنه لم يتبين كذبهم في الشهادة ، بل الواقع أن لا شهادة على المسلمين من عبيد أو كفار .

وأما المزكون فلأنهم اعتمدوا قول الناس في ذلك ، وليس إخبارهم القاضي بذلك شهادة ، وأما لو رجعوا وقالوا تعمدنا الكذب فعليهم ضمان الدية عند أبي حنيفة رحمه الله ، وعندهما الدية في بيت المال الوجهين لأن المزكين ما أثبتوا سبب الإتلاف وهو الزنا ، إنما أثنوا على الشهود خيرا .

وأبو حنيفة يقول : جعلوا ما ليس بموجب : أعني الشهادة موجبا بالتزكية إلى آخره : يعني ما ذكرنا




الخدمات العلمية