( و ) يندب ( زيارة القبور ) أي قبور المسلمين ( للرجال ) لخبر { كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة } ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام } ويسن أن يقرأ عنده ما تيسر ، ويدعو له بعد توجهه إلى القبلة ، والأجر له وللميت كما سيأتي بتفصيله في الوصايا إن شاء الله تعالى .
أما زيارة قبور الكفار فمباحة خلافا للماوردي في تحريمها ، ( وتكره ) زيارتها ( للنساء ) ومثلهن الخناثى لجزعهن ، وإنما لم تحرم عليهن لخبر عائشة قالت : قلت { كيف أقول يا رسول الله تعني إذا زارت القبور قال : قولي السلام على أهل الدار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون } ( وقيل [ ص: 37 ] تحرم ) لخبر { لعن الله زوارات القبور } وحمل على ما إذا كانت زيارتهن للتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهن ، أو كان فيه خروج محرم ( وقيل تباح ) إذا أمن الافتتان عملا بالأصل والخبر فيما إذا ترتب عليها شيء مما مر ، وفهم المصنف الإباحة من حكاية الرافعي عدم الكراهة ، وتبعه في الروضة والمجموع وذكر فيه حمل الحديث على ما ذكر ، وأن الاحتياط للعجوز ترك الزيارة لظاهر الحديث ، ومحل هذه الأقوال في غير زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما هي فلا تكره بل تكون من أعظم القربات للذكور والإناث ، وينبغي أن تكون قبور سائر الأنبياء والأولياء كذلك كما قاله ابن الرفعة والقمولي وهو المعتمد ، وإن قال الأذرعي لم أره للمتقدمين ، والأوجه عدم إلحاق قبر أبويها وإخوتها وبقية أقاربها بذلك أخذا من العلة ، وإن بحث ابن قاضي شهبة الإلحاق ( ويسلم الزائر ) لقبور المسلمين ندبا مستقبلا وجهه قائلا ما علمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه إذا خرجوا للمقابر { السلام على أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية } رواه مسلم " زاد أبو داود { اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم } لكن بسند ضعيف ، وقوله إن شاء الله للتبرك ، ويجوز أن يكون للموت في تلك البقعة أو على الإسلام ، أو أن إن بمعنى إذ .
وأما قبور الكفار فالقياس عدم جواز السلام كما في حال الحياة بل أولى ( ويقرأ ويدعو ) عقب قراءته ، والدعاء ينفع الميت وهو عقب القراءة أقرب للإجابة


