الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( بنى ) عليه ( في مقبرة مسبلة ) قال في المهمات بأن جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها ، وإن لم تكن موقوفة ، ومثله بالأولى الموقوفة ( هدم ) البناء وجوبا لحرمته ولما فيه من التضييق على الناس ، وسواء أبنى قبة أم بيتا أم مسجدا أم غيرها .

                                                                                                                            قال الدميري وغيره : ومن المسبل قرافة مصر ، فإن ابن عبد الحكم ذكر في تاريخ مصر أن عمرو بن العاص أعطاه المقوقس فيها مالا جزيلا ، وذكر أنه وجد في الكتاب الأول أنها تربة الجنة ، فكاتب عمر بن الخطاب في ذلك فكتب إليه إني لا أعرف تربة الجنة إلا لأجساد المؤمنين فاجعلوها لموتاكم .

                                                                                                                            وقد أفتى جماعة من العلماء بهدم ما بني فيها ، ويظهر حمله على ما إذا عرف حاله في الوضع فإن [ ص: 35 ] جهل ترك حملا على وضعه بحق كما في الكنائس التي تقر أهل الذمة عليها في بلدنا وجهلنا حالها ، وكما في البناء الموجود على حافة الأنهار والشوارع ، وصرح في المجموع بحرمة البناء في المسبلة .

                                                                                                                            قال الأذرعي : ويقرب منه إلحاق الموت بها ; لأن فيه تضييفا على المسلمين بما لا مصلحة ولا غرض شرعي فيه ، بخلاف الأحياء وما جمع به بعضهم من حمل الكراهة على البناء على القبر خاصة بحيث يكون البناء واقعا في حريم القبر فيكره ولا يحرم لعدم التضييق ، والحرمة على ما لو بنى في المقبرة بيتا أو قبة يسكن فيه فإنه لا يجوز ، وكذا لو بناه لتأوي فيه الزائرون لما فيه من التضييق مردود ، والمعتمد الحرمة مطلقا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو بنى في مقبرة مسبلة ) وليس من البناء ما اعتيد من توابيت الأولياء ، ثم رأيت سم على حج استقرب أنها مثل البناء بوجود العلة وهي تضييق إلخ ، ومن البناء ما جرت به العادة من وضع الأحجار المسماة بالتركيبة ، ثم رأيت حج صرح بحرمة ذلك ، وينبغي أن محل الحرمة حيث لم يقصد صونه عن النبش ليدفن غيره قبل بلاه ( قوله : ومثله بالأولى موقوفة ) إنما يظهر هذا إذا جعلت الواو في قوله وإن لم تكن للحال وإلا فالموقوفة داخلة في قوله وإن لم تكن إلخ ( قوله : في الكتاب الأول ) أي التوراة ( قوله : إني لا أعرف تربة الجنة ) أي لا أعتقد تربة الجنة إلخ ( قوله : وقد أفتى جماعة من العلماء بهدم ما بني فيها ) حتى قبة إمامنا الشافعي التي بناها بعض الملوك ، وينبغي أن لكل أحد هدم ذلك ما لم يخش منه مفسدة يتعين الرفع للإمام أخذا من كلام ابن الرفعة في الصلح ولا يجوز زرع شيء في المسبلة ، وإن تيقن بلى من بها ; لأنه لا يجوز الانتفاع بها بغير الدفن ، فقول المتولي : يجوز [ ص: 35 ] بعد البلى محمول على المملوكة ا هـ حج .

                                                                                                                            وهو مردود ; لأن قبة إمامنا كانت قبل الوقف دار ابن عبد الحكم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومثله بالأولى الموقوفة ) لا حاجة إليه فإن الغاية تشمله إلا أن تكون الواو للحال [ ص: 35 ] قوله : وصرح في المجموع بحرمة البناء ) أي التي فهمت من قول المصنف ولو بنى في مقبرة مسبلة كما أشار إليه الشارح فيما مر ( قوله وما جمع به بعضهم من حمل الكراهة ) أي الكراهة التي شملها قول المصنف فيما مر : ويكره تجصيص القبر والبناء عليه : أي فيكون شاملا للتربة المملوكة والمسبلة خلاف ما قدمه الشارح




                                                                                                                            الخدمات العلمية