ثم شرع في الخلطة وهي نوعان : خلطة شركة ، ويعبر عنها بخلطة الأعيان والشيوع ، وخلطة جوار .
وقد شرع في الأول فقال ( ولو اشترك أهل الزكاة ) أي اثنان من أهلها كما يفيده قوله زكيا ، وإطلاق أهل على الاثنين صحيح ; لأنه اسم جنس وهذا مثال ( في ماشية ) من جنس بشراء أو إرث أو غيره وهي نصاب أو أقل ، ولأحدهما نصاب أو أكثر ودام ذلك ( زكيا كرجل ) واحد إذ خلطة الجوار تفيد ذلك كما سيأتي فخلطة الأعيان أولى ، [ ص: 60 ] وهذه الشركة قد تفيد تخفيفا كالاشتراك في ثمانين على السواء أو تثقيلا كالاشتراك في أربعين أو تخفيفا على أحدهما وتثقيلا على الآخر كأن ملكا ستين لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها ، وقد لا تفيد شيئا كمائتين على السواء وتأتي هذه الأقسام في خلطة الجوار أيضا ، وهي الثاني الذي أشار إليه فقال ( وكذا لو خلطا مجاورة ) لجواز ذلك بالإجماع ولخبر أنس { ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة } نهى المالك عن كل من التفريق والجمع خشية وجوبها أو كثرتها ، ونهى الساعي عنهما خشية سقوطها أو قلتها ، والخبر ظاهر في الجوار ومثلها الشيوع وأولى ، ويسمى هذا النوع خلطة جوار وخلطة أوصاف ، ونبه بقوله أهل الزكاة على أنه قيد في الخليطين ، فلو كان أحد المالين موقوفا أو لذمي أو مكاتب أو لبيت المال لم تؤثر الخلطة شيئا بل يعتبر نصيب من هو من أهل الزكاة إن بلغ نصابا زكاه زكاة المنفرد وإلا فلا زكاة ، وعلم مما قررناه اعتبار كون المالين من جنس واحد ، لا غنم مع بقر ، وكون مجموع المالين نصابا فأكثر أو أقل ولأحدهما نصاب فأكثر ، فلو ملك كل منهما عشرين من الغنم فخلط تسعة عشر بمثلها ، وتركا شاتين منفردتين فلا خلطة ولا زكاة .
ودوام الخلطة سنة إن كان المال حوليا ، فلو ملك كل منهما أربعين شاة في أول المحرم ، وخلطا في أول صفر فالجديد أنه لا خلطة في الحول الأول ، بل إذا جاء المحرم وجب على كل منهما شاة ، وتثبت الخلطة في الحول الثاني وما بعده .
فإن اختل شرط من ذلك لم يؤثر ، وإن لم يكن حوليا اشترط بقاؤها إلى زهو الثمار واشتداد الحب في النبات


