ولو ورث سائمة ودامت كذلك سنة ، ثم علم بإرثها لم تجب زكاتها لما مر من اشتراط إسامة المالك أو نائبه ، وهو مفقود هنا كما صرح به في الحاوي الصغير ، والمتولد بين سائمة ومعلوفة له حكم الأم ، فإن كانت سائمة ضم إليها في الحول وإلا فلا ، ولو كان يسرحها نهارا ويلقي لها شيئا من العلف ليلا لم يؤثر ( وإذا وردت ) أي الماشية ( ماء أخذت زكاتها عنده ) لأنه أسهل على كل من المالك والساعي وأقرب للضبط من المرعى وفي الحديث { تؤخذ زكاة المسلمين على مياههم } ( وإلا ) أي وإن لم ترد الماء بأن استغنت عنه بالربيع مثلا ( فعند بيوت أهلها ) وأفنيتهم تؤخذ زكاتها .
قال في الروضة : ومقتضاه جواز تكليفهم الرد إلى الأفنية ، وبه صرح المحاملي وغيره ، والأوجه فيما لا ترد ماء ولا مستقر لأهلها لدوام انتجاعهم تكليف الساعي النجعة إليهم ; لأن كلفته أهون من تكليفهم ردها إلى محل آخر ، ولو كانت متوحشة يعسر أخذها وإمساكها فعلى رب المال تسليم السن الواجب للساعي ، ولو توقف ذلك على عقال لزمه أيضا ، وهو محمل قول [ ص: 69 ] أبي بكر رضي الله عنه والله لو منعوني عقالا لأنه هنا من تمام التسليم ( ويصدق المالك في عددها إن كان ثقة ) ; لأنه أمين وله مع ذلك أن يعدها ، ومراده بالمالك المخرج ولو وليا ووكيلا ( وإلا ) بأن لم يكن ثقة أو قال لا أعرف عددها فتعد ( وجوبا كما لا يخفى عند مضيق ) لأنه أسهل لعددها وأبعد عن الغلط فتمر واحدة واحدة وبيد كل من المالك والساعي أو نائبهما قضيب يشيران به إلى كل واحدة ، فلو ادعى رب المال الخطأ أعيد له العدد ، وكذا لو ظن الساعي خطأ عاده فيعاد أيضا ، ويسن للساعي عند أخذه الزكاة الدعاء للمالك ترغيبا له في الخير وتطييبا لقلبه بأن يقول : أجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا ، وبارك لك فيما أبقيت ، ولا يتعين دعاء ، ويكره أن يصلى عليه في الأصح إذ ذاك خاص بالأنبياء والملائكة ما لم يقع ذلك تبعا لهم كالآل فلا تكره وهم بنو هاشم والمطلب من المؤمنين كما مر .
نعم من اختلف في نبوته كلقمان ومريم لا كراهة في إفراد الصلاة والسلام عليه لارتفاعه عن حال من يقال رضي الله عنه هذا كله في الصلاة من غير الأنبياء والملائكة ، أما منهما فلا كراهة مطلقا ; لأنها حقهما فلهما الإنعام بها على غيرهما لخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال { اللهم صل على آل أبي أوفى } والسلام كالصلاة فيما ذكر لكن المخاطبة به مستحبة للأحياء والأموات من المؤمنين ابتداء وواجبة جوابا كما سيأتي في محله ، وما يقع منه غيبة في المراسلات منزل منزلة ما يقع خطابا ، ويسن الترضي والترحم على غير الأنبياء من الأخيار .
قال في المجموع : وما قاله بعض العلماء من أن التراضي مختص بالصحابة والترحم بغيرهم ضعيف .
قال المصنف : ويستحب لكل من أعطى زكاة أو صدقة أو كفارة أو نذرا أو نحوها كإقراء درس وتصنيف وإفتاء أن يقول : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .


