باب زكاة النبات
المراد به هنا الاسم بمعنى النابت لا المصدر .
وينقسم إلى شجر ، وهو ما له ساق وإلى نجم وهو ما لا ساق له كالزرع ، والزكاة تجب في النوعين ، ولذلك عبر بالنبات لشموله لهما ، لكن المصنف في نكت التنبيه ذكر أن استعمال النبات في الثمار غير مألوف .
والأصل في الباب قبل الإجماع مع ما يأتي { وآتوا حقه يوم [ ص: 70 ] حصاده } وقوله تعالى { أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } فأوجب الإنفاق مما أخرجته الأرض وهو الزكاة ; لأنه لا حق فيما أخرجه غيرها ( تختص بالقوت ) ; لأن الاقتيات من الضروريات التي لا حياة بدونها ، فلذا أوجب الشارع منه شيئا لأرباب الضرورات خرج به ما يؤكل تداويا أو تنعما أو تأدما كالزيتون والزعفران والورس وعسل النحل والقرطم وحب الفجل والسمسم والبطيخ والكمثرى والرمان وغيرها كما يأتي بعض ذلك ( وهو من الثمار الرطب والعنب ) بالإجماع ( ومن الحب الحنطة والشعير ) بفتح الشين ويقال بكسرها ( والأرز ) بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي في أشهر اللغات السبع ( والعدس ) بفتح الدال ومثله البسلا ( وسائر المقتات اختيارا ) كالحمص والباقلا والذرة والهرطبان وهو الجلبان والماش وهو نوع منه ، فتجب الزكاة في جميع ذلك لورودها في بعضه في الأخبار الآتية وإلحاقا لباقيها به ، وثبت أيضا انتفاؤها في بعض ما لا يصلح للاقتيات فألحقنا الباقي به ، وأما { قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري ومعاذ لما بعثهما إلى اليمن } فيما رواه الحاكم وصحح إسناده { لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأربعة : الشعير والحنطة والتمر والزبيب } فالحصر فيه إضافي لما رواه الحاكم ، وصحح إسناده من قوله صلى الله عليه وسلم { فيما سقت السماء والسيل والبعل العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر } وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب ، فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقضب بسكون المعجمة الرطب بسكون الطاء وخرج بالاختيار ما يقتات به حال الضرورة من حبوب البوادي كحب الغاسول والحنظل فلا زكاة فيها كما لا زكاة في الوحشيات من الظباء ونحوها وعبر في التنبيه بدل هذا القيد بما يستنبته الآدميون .
قال في المجموع : قال أصحابنا وقولهم بما ينبته الآدميون ليس المراد به أن تقصد زراعته ، وإنما المراد أن يكون جنس ما يزرعونه حتى لو سقط الحب من يد مالكه عند حمل الغلة ، أو وقعت العصافير على السنابل فتناثر الحب ونبت وجبت الزكاة إذا بلغ نصابا بلا خلاف اتفق عليه الأصحاب ، ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو حمل السيل حبا تجب فيه الزكاة من دار الحرب فنبت بأرضنا [ ص: 71 ] فإنه لا زكاة فيه كالنخل المباح بالصحراء ، وكذا ثمار البستان ، وغلة القرية الموقوفين على المساجد والربط والقناطر والفقراء والمساكين لا تجب فيها الزكاة على الصحيح إذ ليس له مالك معين ، ولو أخذ الخراج الإمام على أن يكون بدلا عن العشر كان كأخذه القيمة في الزكاة بالاجتهاد فيسقط به الفرض ، وإن نقص عن الواجب تممه ( وفي القديم تجب في الزيتون ) لقول عمر رضي الله عنه : في الزيتون العشر ، وقول الصحابي حجة في القديم فلذلك أوجبه لكن الأثر ضعيف ( و ) في ( الزعفران و ) في ( الورس ) لاشتراكهما في المنفعة ولأثر ضعيف في الزعفران وألحق به الورس وهو بفتح فسكون نبت أصفر يصبغ به الثياب وهو كثير باليمن ( و ) في ( القرطم ) [ ص: 72 ] وهو بكسر القاف والطاء وضمهما حب العصفر ; لأن أبيا كان يأخذ العشر منه ( و ) في ( العسل ) سواء كان نحله مملوكا أم أخذ من الأمكنة المباحة ، كذا قيده شارح وأطلقه غيره ، ولعل الأول لكون القديم لا يوجبه في عسل غيره ، وذلك لخبر أنه صلى الله عليه وسلم أخذ منه العشر ، لكن قال البخاري والترمذي : لا يصح في زكاته شيء


