( ويسن ) ( خرص ) أي حزر ( الثمر ) بالمثلثة ( إذا بدا صلاحه على مالكه ) { ; لأنه عليه الصلاة والسلام كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر خارصا } وحكمته الرفق بالمالك والمستحق ، وشمل كلامه ثمار البصرة فهي كغيرها ، وإن استثناها الماوردي فقال : يحرم خرصها بالإجماع لكثرتها وكثرة المؤنة في خرصها ولإباحة أهلها الأكل منها للمجتاز ، وتبعه عليه الروياني قالا : وهذا في النخل ، أما الكرم فهو فيه كغيرهم .
قال السبكي : وعلى هذا فينبغي إذا عرف من شخص أو بلد ما عرف من أهل البصرة يجري عليه حكمهم ، ولهذا قال الأذرعي : لم أر هذا لغير الماوردي ، وقضية كلام شيخه الصيمري والأصحاب قاطبة عدم الفرق ، وخرج ببدو الصلاح ما قبله فلا يتأتى فيه إذ لا حق للمستحقين ولا ينضبط المقدار لكثرة العاهات قبل بدوه .
نعم إن بدا صلاح نوع دون آخر ففي جواز خرص الكل وجهان في البحر ، والأوجه على ما قاله الشيخ عدم الجواز ، لكن الأقيس على ما قاله ابن قاضي شهبة الجواز ، وخرج بالثمر الحب فلا خرص فيه لاستتار حبه ، ولأنه لا يؤكل غالبا رطبا بخلاف الثمرة ، وكيفية الخرص أن يطوف الخارص بكل شجرة ويقدر ثمرها أو ثمر كل النوع رطبا ثم يبسا ، ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لتفاوتهما ( والمشهور إدخال جميعه في الخرص ) أي جميع الثمر والعنب فيه ، ولا يترك للمالك شيئا وما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } حمله الشافعي رضي الله عنه وتبعه الأئمة على تركهم له ذلك من الزكاة ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطمعهم في ذلك منه لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعا بينه وبين الأدلة الطالبة لإخراج زكاة التمر والزبيب ، إذ في قوله فخذوا ودعوا إشارة لذلك : أي إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص ، واتركوا له شيئا مما خرص فجعل الترك بعد الخرص المقتضي بالإيجاب فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو ، والثاني أنه يترك [ ص: 81 ] للمالك ثمر نخلة أو نخلات يأكله أهله تمسكا بظاهر الخبر المذكور ( و ) المشهور ( أنه يكفي خارص ) واحد ; لأن الخرص نشأ عن اجتهاد فكان كالحاكم ، وما روي من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث مع ابن رواحة واحدا يجوز أن يكون معينا أو كاتبا ، ولو اختلف خارصان وقف الأمر إلى تبين المقدار منهما أو من غيرهما .
والثاني يشترط اثنان كالتقويم والشهادة وقطع بعضهم بالأول


