[ ص: 149 ] وأركانه ثلاثة : صائم ونية وإمساك عن المفطرات ( يجب صوم رمضان ) إجماعا . وسمي رمضان من الرمض وهو شدة الحر ، لأن العرب لما أرادت وضع أسماء الشهور وافق الشهر المذكور شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع ، وهو معلوم من الدين بالضرورة من جحد وجوبه كفر ما لم يكن قريب عهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ، ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر كأن قال الصوم واجب علي ولكن لا أصوم حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل له صورة الصوم بذلك ، وفهم من عبارته عدم كراهة ذكر رمضان من غير شهر ، وهو الصواب في المجموع وعليه المحققون لعدم ثبوت نهي فيه بل ثبت ذكره بدون شهر في أخبار صحيحة كخبر { من قام } وفسروا قيامه بصلاة التراويح { رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } وإنما يجب ( بإكمال شعبان ثلاثين ) يوما ( أو رؤية الهلال ) ليلة الثلاثين منه ، [ ص: 150 ] أو علم القاضي لخبر { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين } .
ويضاف إلى الرؤية كما قال الأذرعي وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه على أهل ناحية حديث عهدهم بإسلام أو أسارى وهل الأمارة الظاهرة الدلالة في حكم الرؤية مثل أن يرى أهل القرية القريبة من البلد القناديل قد علقت ليلة الثلاثين من شعبان بمنابر المصر كما هو العادة ؟ الظاهر نعم وإن اقتضى كلامهم المنع ، ومثل ذلك العلامات المعتادة لدخول شوال من إيقاد النار على الجبال أو سمع ضرب الطبول ونحوها مما يعتادون فعله لذلك ، فمن حصل له به الاعتقاد الجازم وجب عليه الفطر كما يجب عليه الصوم في أوله عملا بالاعتقاد الجازم فيهما كذا أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وإن أفتى الشيخ بعدم جواز الفطر بذلك متمسكا بأن الأصل بقاء رمضان وشغل الذمة بالصوم حتى يثبت خلافه شرعا ، ويمكن حمله على من لم يحصل له بذلك الاعتقاد الجازم ، وممن أفتى بالأول ابن قاضي عجلون والشمس الجوجري . ومما عمت به البلوى تعليق القناديل ليلة ثلاثين شعبان فتبيت النية اعتمادا عليها ثم تزال ويعلم بها من نوى ثم يتبين نهارا أنه من رمضان .
وقد أفتى الوالد رحمه الله بصحة صومه بالنية المذكورة لبنائه على أصل صحيح ولا قضاء عليه ، فإن نوى عند الإزالة تركه لزمه قضاؤه وفهم من كلامه عدم وجوبه بقول المنجم بل لا يجوز نعم له أن يعمل بحسابه ويجزيه عن فرضه على المعتمد وإن وقع في المجموع عدم إجزائه عنه ، وقياس قولهم إن الظن [ ص: 151 ] يوجب العمل أن يجب عليه الصوم وعلى من أخبره وغلب على ظنه صدقه ، وأيضا فهو جواز بعد حظر ، ولا ينافي ما مر لأن الكلام فيه بالنسبة للعموم . والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني ولا اعتبار بقول من ادعى رؤيته صلى الله عليه وسلم وأنه أخبره في النوم بأن غدا من رمضان ولا يصح الصوم به إجماعا لا لشك في رؤيته وإنما هو لعدم ضبط النائم .


