( ولو ارتد المعتكف أو سكر ) معتديا ( بطل ) اعتكافه زمن ردته وسكره لعدم أهليته ، أما غير المتعدي فيشبه كما قاله الأذرعي أنه كالمغمى عليه ( والمذهب بطلان [ ص: 225 ] ما مضى من اعتكافهما المتتابع ) وإن لم يخرج لأن ذلك أشد من خروجه بلا عذر وهو يقطع التتابع فلا بد من استئنافه ، والثاني لا يبطل في المسألتين فيبنيان ، أما في الردة فترغيبا في الإسلام ، وأما في السكر فإلحاقا له بالنوم ، وما نص عليه الشافعي رضي الله عنه من عدم بطلان اعتكاف المرتد محمول على غير المتتابع حتى إذا أسلم يبني على أنه مرجوح عنه ، وقد علم مما تقرر أن المراد بالبطلان عدم البناء عليه لا حبوطه بالكلية ، وقد أشار الشارح لذلك بقوله من حيث التتابع ، وتثنية المصنف الضمير في اعتكافهما مع عطفه بأو وإتيانه به بعد ذلك مفردا في إن لم يخرج صحيح لأن المعطوف بأو هو الفعل والضمير ليس عائدا عليه وإنما هو عائد على المرتد والسكران المفهومين من لفظ الفعل ، وقد تقدم ما يدل عليهما فصح عود الضمير عليهما ( ولو ) ( طرأ جنون أو إغماء ) على المعتكف ( لم يبطل ما مضى ) من اعتكافه المتتابع ( إن لم يخرج ) بالبناء للمفعول من المسجد لعذره بما عرض له ، فإن أخرج مع تعذر ضبطه في المسجد لم يبطل أيضا كما لو حمل العاقل مكرها ، وكذا إن أمكن بمشقة على الصحيح فهو كالمريض ( ويحسب زمن الإغماء من الاعتكاف ) المتتابع كما في الصائم إذا أغمي عليه بعض النهار ( دون ) زمن ( الجنون ) فلا يحسب منه لأن العبادة البدنية لا تصح منه ( أو ) طرأ ( الحيض ) أو النفاس على معتكفة ( وجب ) عليها ( الخروج ) من المسجد لحرمة المكث عليها ( وكذا الجنابة ) بما لا يبطل الاعتكاف كالاحتلام إذا طرأت على المعتكف ( إن تعذر ) عليه ( الغسل في المسجد ) فيجب عليه الخروج منه لحرمة المكث فيه عليه ، ولو احتاج للتيمم لفقد الماء أو غيره وجب عليه الخروج لأجله كما بحثه بعض المتأخرين وإن أمكنه فعله فيه بغير ترابه لتضمنه اللبث فيه إلى فراغه ، فلو أمكنه فيه مارا من غير مكث ولا تردد لم يجب خروجه له لعدم حرمة المرور فيه ( فلو أمكنه ) الغسل فيه ( جاز ) له ( الخروج له ولا يلزم ) ذلك من أجله بل له فعله في المسجد إن لم يترتب عليه نحو مكث محرم وكلام
[ ص: 226 ] الشارح محمول على هذا مراعاة للتتابع . نعم لو كان الجنب مستجمرا بالحجر ونحوه وجب خروجه وتحرم إزالة النجاسة في المسجد ، ويجب أيضا إذا حصل بالغسالة ضرر للمسجد أو المصلين كما أفاده بعض المتأخرين ويلزمه المبادرة بغسله لئلا يبطل تتابع اعتكافه ( ولا يحسب زمن الحيض ) والنفاس ( ولا ) زمن ( الجنابة ) من الاعتكاف إن اتفق المكث معهما في المسجد لعذر أو غيره لمنافاة ذلك للاعتكاف ، وسيأتي الكلام على الحائض هل تبني على ما مضى أو لا ؟ . أما المستحاضة فإن أمنت تلويثه لم تخرج من اعتكافها فإن خرجت بطل تتابعه .


