( وكذا العمرة ) فرض ( في الأظهر ) لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } أي ائتوا بهما تامين ، ولخبر { عائشة قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد ؟ قال : نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة } رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما [ ص: 235 ] بأسانيد صحيحة . وأما خبر { سئل صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي ؟ قال : لا وأن تعتمر خير لك } فضعيف اتفاقا . قال في المجموع : ولا يغتر بقول الترمذي فيه حسن صحيح
ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها وإنما أغنى الغسل عن الوضوء ; لأنه أصل إذ هو الأصل في حق المحدث ، وإنما حط عنه إلى الأعضاء الأربعة تخفيفا ، فأغنى عن بدنه ، والحج والعمرة أصلان . والعمرة لغة : الزيارة . وشرعا : قصد البيت للأفعال الآتية أو نفس الأفعال كما مر .
والقول الثاني أنها سنة للخبر المار ولا تجب بأصل الشرع في العمر سوى مرة واحدة لخبر أبي هريرة قال : { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت ، حتى قالها ثلاثا ، فقال : لو قلت نعم لوجب ولما استطعتم } رواه مسلم ، وسميت عمرة ; لأنها تفعل في العمر كله وصح { عن سراقة قلت : يا رسول الله عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد ؟ فقال : لا بل للأبد } أو وجوبهما من حيث الأداء على التراخي فلمن وجبا عليه بنفسه أو نائبه تأخيرهما بعد سنة الإمكان ; لأن الحج فرض سنة ست ولم يحج صلى الله عليه وسلم إلا سنة عشر ومعه مياسير لا عذر بهم ، وقيس به العمرة وتضييقهما بنذر أو خوف عضب أو تلف مال أو قضاء عارض ، ثم محل جواز التأخير إن عزم على فعلهما في المستقبل كما مر بيانه في الصلاة وإنما لم تؤثر فيهما الردة بعدهما ; لأنها لا تحبط العمل إلا إن اتصلت بالموت وإن أحبطت ثواب العمل مطلقا كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه في الأم فلا يجب عليه [ ص: 236 ] إعادتهما إذا عاد للإسلام .


