( ويشترط ) في وجوب النسك ( بثمن المثل ) فإن لم يوجد شيء منهما كأن كان زمن جدب وخلا بعض المنازل من أهلها أو انقطعت المياه أو وجد بأكثر من ثمن مثله لم يلزمه النسك ; لأنه إن لم يحمل ذلك معه خاف على نفسه وإن حمله عظمت المؤنة . نعم تغتفر الزيادة اليسيرة ولا يجري فيه كما قاله وجود الماء والزاد في المواضع المعتاد حملها منها الدميري الخلاف في شراء ماء الطهارة ; لأن لها بدلا بخلاف الحج ( وهو ) أي ثمن المثل ( القدر اللائق في ذلك الزمان والمكان ) وإن غلت الأسعار ، ويجب حمل الماء والزاد على الوجه المعتاد كحمل الزاد من الكوفة إلى مكة وحمل الماء مرحلتين أو ثلاث .
قال الأذرعي : وكان هذا عادة طريق العراق ، وإلا فعادة الشام حمله غالبا بمفازة تبوك وهي على ضعف ذلك ا هـ والضابط في مثل ذلك العرف ، ويختلف باختلاف النواحي فيما يظهر ، وإلا فجرت عادة كثير من أهل مصر على حمله إلى العقبة ( و ) وجود ( علف الدابة ) بفتح اللام ( في كل مرحلة ) ولا يشترط حمله معه لعظم تحمل المؤنة ، وبحث في المجموع اعتبار العادة فيه كالماء ، وسبقه إليه سليم ، واعتمده السبكي وغيره وهو ظاهر ، ويمكن حمل ما في المنهاج عليه ، فإن عدم شيئا مما ذكر في أثناء الطريق جاز له الرجوع ، ولو جهل مانع الوجوب من نحو وجود عدو أو عدم زاد استصحب الأصل وعمل به إن وجد وإلا وجب الخروج ، إذ الأصل عدم المانع ، ويتبين وجوب الخروج بتبين عدم المانع ، فلو ظنه فترك الخروج من أجله ثم بان عدمه لزمه النسك .
ويشترط لوجوب النسك أيضا كما نقله الرافعي عن الأئمة وصوبه المصنف وهو المعتمد تمكنه من السير إليه على الوجه المعهود بأن يبقى من الزمن عند وجود الزاد ونحوه مقدار يفي بذلك ، فلو احتاج إلى قطع أكثر من مرحلة في كل يوم أو في بعض الأيام لم يلزمه ذلك ، فلو مات لم يقض من تركته . وذهب إلى أنه شرط لاستقراره في ذمته لا لوجوبه بل متى وجدت الاستطاعة وهو من أهل وجوبه لزمه في الحال كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها وتستقر في الذمة بمضي زمن يمكن فعلها فيه ، وأجاب الأول بإمكان تتميمها بعده بخلاف الحج ، ولا بد من وجود رفقة تخرج معه ذلك الوقت المعتاد ، فإن تقدموا بحيث زادت أيام السفر أو تأخروا بحيث احتاج أن يقطع معهم في يوم أكثر من مرحلة فلا وجوب لزيادة المؤنة في الأول وتضرره في الثاني ومحل اعتبار الرفقة عند خوف الطريق ، فإن كانت آمنة بحيث لا يخاف فيها الواحد لزمه [ ص: 250 ] وإن استوحش خلافا ابن الصلاح للإسنوي ومن تبعه ، وفارق التيمم وغيره بأنه لا بدل لما هنا بخلافه ثم ، وتعتبر الاستطاعة المارة في الوقت ، فلا استطاعة ، وكذا لو افتقر بعد حجهم وقبل الرجوع لمن يعتبر في حقه الإياب . فلو استطاع في رمضان ثم افتقر في شوال