الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            نعم لو بلغ معضوبا جاز له تأخير الاستنابة كما في الروضة ( والمعضوب ) بضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن كمال الحركة وبصاد مهملة كأنه قطع عصبه ووصفه بقوله ( العاجز عن الحج بنفسه ) حالا ومآلا لكبر أو زمانة أو غيرهما وهو صفة كاشفة في معنى التفسير للمعضوب وليست خبرا له بل الخبر جملتا الشرط والجزاء في قوله ( إن [ ص: 253 ] وجد أجرة من يحج عنه بأجرة المثل ) أي مثل مباشرة فما دونها ( لزمه ) الحج ; لأنه مستطيع بغيره إذ الاستطاعة كما تكون بالنفس تكون ببذل المال وطاعة الرجال ، ولهذا يقال لمن لا يحسن البناء : إنك مستطيع بناء دارك إذا كان معه ما يفي ببنائها ، وإذا صدق عليه أنه مستطيع وجب عليه الحج . نعم لو كان بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر أو كان بمكة لزمه الحج بنفسه لقلة المشقة عليه كما نقله في المجموع عن المتولي وأقره ، فإذا انتهى حاله لشدة الضنا إلى حالة لا يحتمل معها الحركة بحال فينبغي أن يجوز الاستنابة في ذلك كما بحثه السبكي وهو ظاهر ، ولو لم يجد المعضوب سوى أجرة ماش ، والسفر طويل لزمه استئجاره وإن لم يكن مكلفا بالمشي لو فعله بنفسه إذ لا مشقة عليه في مشي غيره ما لم يكن أصلا أو فرعا فلا يلزمه كما يؤخذ مما يأتي في المطاع ، ولو استأجر من يحج عنه فحج عنه ثم شفي لم يجزئه ولم يقع عنه فلا يستحق الأجير أجرة كما رجحاه هنا وهو المعتمد ، وقال الإسنوي : إنه الصواب وإن رجحا قبله بقليل استحقاقه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : جاز له تأخير الاستنابة ) أي فإن مات ولم يستنب عصى من آخر سني الإمكان ( قوله العاجز عن الحج ) هل يكفي في العجز علمه من نفسه بذلك أو يتوقف ذلك على [ ص: 253 ] إخبار طبيب عدل ؟ فيه نظر ، وقياس نظائره من التيمم ونحوه الثاني ، وقد يقال : بل الأقرب الأول ، ويفرق بينهما بأنه إنما احتيج لإخبار الطبيب ثم لما يترتب عليه من ترك ما وجب عليه فعله كالوضوء ، بخلاف ما هنا فإنه عمل بمقتضى الوجوب إذ خوطب به عند وجود شروطه وقد وجدت ، والتضييق لم يترتب عليه ترك واجب بل ولا مطلوب وإنما ترتب عليه تعجيل ما طلب منه ، ثم رأيت في العباب أنه لا بد من إخبار طبيبين عدلين ( قوله : بأجرة المثل ) أي فلا يكلف الزيادة وإن قلت قياسا على أجرة الراحلة ويسترد منه الأجرة ( قوله ولم يقع عنه ) أي ويقع عن الأجير




                                                                                                                            الخدمات العلمية