[ ص: 312 - 313 ] وللرمي شروط ذكرها في قوله للاتباع مع خبر { ( ويشترط رمي ) الحصيات ( السبع واحدة واحدة ) سبع مرات } ولو بتكرير حصاة كما لو دفع مدا لفقير عن كفارته ثم اشتراه منه ودفعه لآخر ، وعلى هذا تتأدى الرميات كلها بحصاة واحدة ، فلو خذوا عني مناسككم فواحدة أو رماهما مترتبتين فوقعتا معا أو مترتبتان فاثنتان اعتبارا بالرمي ، وكذا إن وقعت الثانية قبل الأولى ( و ) رمى حصاتين معا ولو برمي إحداهما باليمين والأخرى باليسار وترتبتا في الوقوع أو وقعتا معا مسجد الخيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة للاتباع كما في السعي ، فلا يعتد برمي الثانية قبل تمام الأولى ولا بالثالثة قبل تمام الأوليين ، ولو يشترط ( ترتيب الجمرات ) في رمي أيام التشريق بأن يبدأ بالجمرة التي تلي جعلها من الأولى احتياطا فيرمي بها إليها ويعيد رمي الجمرتين الأخيرتين ، إذ الموالاة بين الرمي في الجمرات غير واجبة وإنما تسن فقط كما في الطواف ، ولو ترك حصاة وشك في محلها من الثلاث جعل واحدة من يوم النحر وواحدة من ثالثه وهو يوم النفر الأول من أي جمرة كانت أخذا بالأسوإ وحصل رمي يوم النحر وأحد أيام التشريق . ويشترط كون الرمي بيده لا بقوس ورجل لعدم انطلاق اسم الرمي على ذلك ولا بالرمي بالمقلاع كما هو ظاهر كلامهم ، ولو ترك حصاتين ولم يعلم محلهما لم يجزئه ، قاله وضعها في فيه ولفظها إلى المرمى الأذرعي .
وقال الزركشي : لا نقل فيه ويحتمل الإجزاء ( وكون المرمي حجرا ) ولو ياقوتا وحجر حديد وبلور وعقيق وذهب وفضة نعم قال الأذرعي : يظهر تحريم ونحوه إذا كان الرمي يكسرها ويذهب معظم ماليتها ولا سيما النفيس منها لما فيه من إضاعة المال والسرف . والظاهر أنه لو غصبه أو سرقه ورمى به كفى ، ثم رأيت الرمي بالياقوت القاضي ابن كج جزم به قال : كالصلاة في المغصوب ، وخرج الرمي بغيره كلؤلؤ وتبر وإثمد ونورة وزرنيخ ومدر وجص وآجر وخزف وملح [ ص: 313 ] وجواهر منطبعة من ذهب وفضة ونحاس ورصاص وحديد فلا يجزئ ويجزئ حجر نورة لم يطبخ بخلاف ما طبخ منه ; لأنه حينئذ لا يسمى حجرا بل نورة وقد مر آنفا ( وأن يسمى رميا ) فلا يكفي الوضع في المرمى ; لأن المأمور به الرمي فلا بد من صدق الاسم عليه ، ويفارق ما مر في الوضوء من الاكتفاء بوضع اليد مبلولة على الرأس بأن مبنى الحج على التعبد وبأن الواضع هنا لم يأت بشيء من أجزاء الرمي بخلاف ما هناك فيهما ، وذكره اشتراط الرمي هنا مع فهمه مما مر في قوله : ويشترط رمي السبع واحدة واحدة لئلا يتوهم أن ذلك سيق لبيان التعدد لا للكيفية فنص عليه هنا احتياطا ، فلو ويشترط أيضا قصد الجمرة بالرمي لم يكف ، وقضية كلامهم أنه لو رمى إلى غيرها كأن رمى في الهواء فوقع في المرمى العقبة كما يفعله كثير من الناس فأصابه ثم وقع في المرمى لا يجزئ ، قال رمى إلى العلم المنصوب في الجمرة أو الحائط التي بجمرة المحب الطبري : وهو الأظهر عندي ، ويحتمل أنه يجزئه ; لأنه حصل فيه بفعله مع قصد الرمي الواجب عليه والثاني من احتماليه أقرب كما قاله الزركشي ، وهو المعتمد وإن نظر فيه بعضهم مدعيا أنه يلزم على تعليل الإجزاء فيه ، كما ذكر أنه لو يجزئ ، وقد صرحوا بخلافه فالأوجه عدم الإجزاء . رمى إلى غير المرمى فوقع فيه
قال الطبري : ولم يذكروا في المرمى حدا معلوما غير أن كل جمرة عليها علم فينبغي أن يرمي تحته على الأرض ولا يبعد عنه احتياطا وقد قال : الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى ، فمن أصاب مجتمعه أجزأه ، ومن أصاب سائله لم يجزه ، وما حد به بعض المتأخرين من أن الشافعي ثلاثة أذرع من سائر الجوانب إلا في جمرة موضع الرمي العقبة فليس لها إلا وجه واحد ، ورمي كثيرين من أعلاها باطل قريب مما تقدم .