بل يفعل في أيام التضحية وغيرها ; لأن الأصل عدم التخصيص ، ولم يرد ما يخالفه لكن تندب إراقته أيام التضحية . ( والدم الواجب ) على محرم ( بفعل حرام ) وإن لم يحرم ذلك الوقت كالحلق لعذر ( أو ترك واجب ) عليه غير ركن أو غيرهما كدم الجبرانات ( لا يختص ) إجزاؤه ( بزمان )
قال السبكي وغيره : وينبغي وجوب المبادرة إليها إذا حرم السبب كما في الكفارة فيحمل ما أطلقوه على الإجزاء ، أما الجواز فأحالوه على ما قرروه في الكفارة ( ويختص ذبحه ) بأي مكان ( بالحرم في الأظهر ) لقوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } ولخبر { } وأشار إلى موضع النحر من نحرت ههنا منى { مكة منحر } ; ولأن الذبح حق يتعلق بالهدي فيختص وكل فجاج بالحرم كالتصدق .
والثاني يجوز أن يذبح خارج الحرم بشرط أن ينقل ويفرق لحمه فيه قبل تغيره ; لأن المقصود هو اللحم فإذا وقعت تفرقته على مساكين الحرم حصل الغرض " ويجب صرف لحمه " وجلده وبقية أجزائه من شعره وغيره ، فاقتصاره على اللحم ; لأنه الأصل فيما يقصد منه فهو مثال لا قيد ( إلى مساكينه ) أي الحرم وفقرائه القاطنين منهم والغرباء والصرف إلى الأول أولى إلا أن تشتد حاجة الثاني فيكون أولى ، وعلم من كلامه عدم جواز أكله شيئا منه ، وبه صرح الرافعي في كتاب الأضحية ، وأنه لا فرق بين أن يفرق المذبوح عليهم أو يعطيه بجملته لهم وبه صرح الرافعي أيضا في الكلام على تحريم الصيد ، ويكفي الاقتصار على ثلاثة من فقرائه أو مساكينه وإن انحصروا ; لأن الثلاثة أقل الجمع ، فلو دفع إلى اثنين مع قدرته على ثالث ضمن له أقل متمول كنظيره من الزكاة ، وإنما لم يجب استيعابهم عند الانحصار كما في الزكاة ; لأن المقصود هنا حرمة البلد وثم سد الخلة ، وتجب النية عند التفرقة كما قاله الروياني وغيره ، ويؤخذ من التشبيه بالزكاة الاكتفاء بالمتقدمة عليها واقتصاره فيما مر على الدم الواجب بفعل حرام أو ترك واجب مثال إذ دم التمتع والقران كذلك .
وأما دم الإحصار فسيأتي ودفع الطعام لمساكين الحرم لا يتعين لكل منهم مد في دم التمتع ونحوه مما ليس دمه دم تخيير وتقدير ، أما دم الاستمتاعات ونحوها مما دمه دم [ ص: 360 ] تخيير وتقدير فلكل واحد من ستة مساكين نصف صاع من ثلاثة آصع كما مر ولو ذبح الدم الواجب بالحرم ثم سرق أو غصب منه قبل التفرقة لم يجزئه .
نعم هو مخير بين ذبح آخر وهو أولى أو شراء بدله لحما والتصدق به ; لأن الذبح قد وجد ، وإنما لم يتقيد ذلك بما لو قصر في التفرقة وإلا فلا يضمن كما لو سرق المال المتعلق به الزكاة ; لأن الدم متعلق بالذمة والزكاة بعين المال ولو عدم المساكين في الحرم أخر الواجب المالي حتى يجدهم وامتنع النقل ، بخلاف الزكاة حيث جاز النقل فيها ; لأنه ليس فيها نص صريح بتخصيص البلد بها بخلاف هذا .