الثالث الرق وقد ذكره بقوله ( وإذا ) ( أحرم العبد ) وفي معناه الأمة ( بلا إذن ) وهو حرام مع صحته ( فلسيده تحليله ) وكذا لمشتريه وإن جهل إحرامه ثم علمه وأجاز البيع ; لأنهما قد يريدان منه ما لا يباح للمحرم كالاصطياد وإصلاح الطيب وقربان الأمة ، وفي منعهما من ذلك إضرار بهما ، ولا خيار للمشتري في هذه الحالة ولكن الأولى لهما أن يأذنا له في إتمام نسكه وحيث جاز لسيده تحليله جاز للعبد التحلل ، ويجب عليه إذا أمره به وإنما لم يجب بغير أمره وإن كان الخروج من المعصية واجبا لكونه تلبس بعبادة في الجملة مع جواز رضا السيد بدوامه ، وأم الولد والمدبر والمكاتب والمبعض ومعلق العتق بصفة كالقن ويصدق السيد بيمينه في عدم الإذن ، وفي تصديقه في تقدم رجوعه على الإحرام تردد ، والأوجه منه تصديق العبد ; لأن الأصل عدم ما يدعيه ، ويأتي فيه ما ذكر في اختلاف الزوج والزوجة في الرجعة [ ص: 367 ] ولو أذن له في إحرام مطلق ففعل وأراد صرفه لنسك والسيد لغيره ففي المجاب وجهان ، أوجههما إجابة السيد حيث طلب الأقل ، وشمل كلام المصنف ما لو أذن له في الإحرام ثم رجع قبل إحرامه فأحرم غير عالم برجوعه ، وما لو أذن له في الإحرام في وقت فأحرم قبله فإن له تحليله ما لم يدخل ذلك الوقت .
ومثله ما لو أذن له في الإحرام من مكان بعيد فأحرم من أبعد منه ، وما لو أذن له في الإحرام بالعمرة فأحرم بالحج ; لأنه فوقها ، وما لو أذن له في التمتع ورجع بينهما وما لو أحرم بإذن ثم أفسده بجماع ثم أحرم بالقضاء بلا إذن ، أما إذا أحرم بإذنه فليس له تحليله وإن أفسد نسكه ; لأنه عقد لازم عقد بإذن سيده فلم يملك إخراجه منه كالنكاح ولا لمشتريه ذلك ، ولكن له فسخ البيع إن جهل إحرامه ، وكذا لو أحرم بغير إذنه ثم أذن له في إتمامه أو أذن له في الحج فأحرم بالعمرة أو أذن له في التمتع أو في الحج أو الإفراد فقرن ، إذ لو جاز له تحليله لزم أن يحلله فيما أذن له فيه ، ويستثنى من تحليله مما لم يأذن له فيه المبعض المهايأ إذا وسعت نوبته أداء النسك فأحرم به فيها ، والمكاتب كتابة صحيحة إذا لم يحتج في تأدية نسكه إلى سفر فأحرم به أو احتاج ولم يحل عليه شيء من النجوم فأحرم به على ما ذكره ابن المقري ، وظاهر كلامهم أنه كالقن مطلقا وعبد الحربي إذا أسلم ثم أحرم بغير إذنه ثم غنمناه والناذر لنسك في عام معين بإذن سيده ثم انتقل إلى غيره فأحرم به في وقته ، ولو كان الرقيق مؤجرا أو موصى بمنفعته فالمعتبر إذن مالك المنفعة دون الرقبة ، وتحلل الرقيق يكون بالنية والحلق ، والمراد بتحليل سيده أنه يأمره به لا أنه يتعاطى الأسباب بنفسه إذ غايته أن يستخدمه ويمنعه المضي ويأمره بفعل المحظورات أو يفعلها به ولا يرتفع الإحرام بذلك ، فإن امتنع ارتفع المانع بالنسبة إلى السيد حتى يجوز له استخدامه في محرمات الإحرام ، ويؤخذ من بقائه على إحرامه .
وقولهم مذبوح المحرم من الصيد ميتة أنه لو ذبح صيدا ولو بأمر سيده لم يحل وبه أفتى الوالد رحمه الله تعالى وإن خالف في ذلك بعض أهل العصر ، وما لزمه من دم بفعل محظور كاللبس أو بالفوات لا يلزم سيده ولو أحرم بإذنه ، بل لا يجزئه إذا ذبح عنه إذ لا ذبح عليه لكونه لا يملك شيئا ، وإن ملكه سيده وواجبه الصوم وله منعه منه إن كان يضعف به عن الخدمة أو يناله به ضرر ، ولو أذن له في الإحرام ; لأنه لم يأذن له في موجبه فإن وجب بتمتع أو قران أذن له [ ص: 368 ] فيه لم يمنعه منه لإذنه في موجبه ، وإن ذبح عنه السيد بعد موته جاز ; لأنه حصل اليأس عن تكفيره ، والتمليك بعد الموت ليس بشرط ، ولهذا لو تصدق عن ميت جاز ، وقد { أمر النبي صلى الله عليه وسلم سعدا أن يتصدق عن أمه بعد موتها } ، فإن عتق الرقيق وقدر على الدم لزمه اعتبارا بحالة الأداء ، والمكاتب يكفر بإذن سيده كالحر ; لأنه يملك ، وعليه فيجزئه أن يذبح عنه ولو في حياته ، ولو أحرم المبعض في نوبته وارتكب المحظور في نوبة سيده أو عكسه اعتبر وقت ارتكاب المحظور .


