ويكره لأنه يوقع في الندم لتراكم الصبرة بعضها على بعض غالبا إلا المذروع لأنه لا تراكم فيه إذ لا بد فيه من رؤية جميعه لأجل صحة البيع فيقل الغرر ، بخلاف الصبرة فإنه يكفي رؤية أعلاها ، ولو بيع الصبرة المجهولة صح بخلاف ما لو قال إلا صاعا منه لضعف الحزر ، ولو قال بعتك نصفها وصاعا من النصف الآخر صح ( ولو باع بمليء ) أو ملء ( ذا البيت حنطة أو بزنة ) أو زنة ( هذه الحصاة ذهبا أو بما باع به فلان فرسه ) وأحدهما يجهل قدر ذلك ( أو بألف دراهم ودنانير لم يصح ) البيع للجهل بأصل المقدار في غير الأخيرة وبمقدار كل من النوعين فيها ، وإنما حمل على التنصيف في نحو والربح بيننا وهذا لزيد وعمرو ; لأنه المتبادر منه ثم لا هنا ، ولهذا لو علمنا قبل العقد مقدار البيت والحصاة وثمن الفرس كان [ ص: 410 ] صحيحا ، إن قال بما باع به ولم يذكر المثل ولا نواه ; لأن مثل ذلك محمول عليه . قال بعتك كل صاع من نصفها بدرهم وكل صاع من نصفها الآخر بدرهمين
نعم لو انتقل ثمن الفرس إلى المشتري فقال له البائع العالم : بأنه عنده بعتك بما باع به فلان فرسه اتجه صحته وتنزيل الثمن عليه فيتعين ويمتنع إبداله كما أفاده العلامة الأذرعي ، وكما أن لفظة المثل مقدرة فيما ذكر تقدر زيادتها في نحو عوضتها عن نظير مثل صداقها على كذا فيصح عن الصداق نفسه ; لأنه اعتيدت زيادة لفظة المثل في نحو ذلك وخرج بنحو حنطة وذهب منكرا المشير إلى أن محل ذلك حيث كان في الذمة المعين كبعتك ملء أو بملء ذا الكوز من هذه الحنطة أو الذهب فيصح ، وإن جهل قدره لإحاطة التخمين برؤيته مع إمكان الأخذ قبل تلفه فلا غرر ( ولو باع بنقد ) دراهم أو دنانير وعين شيئا اتبع وإن عز ، فإن كان معدوما أصلا ولو مؤجلا أو معدوما في البلد حالا أو مؤجلا إلى أجل لا يمكن [ ص: 411 ] فيه نقله إلى البلد بشرطه لم يصح ، أو إلى أجل يمكن فيه النقل عادة صح ، ومنه ما فقد بمحل العقد وإن كان ينقل إليه لكن لغير البيع فلا وإن أطلق ( وفي البلد ) أي بلد البيع سواء أكان كل منهما من أهلها ويعلم نقودها أو لا على مقتضى إطلاقهم ( نقد غالب ) من ذلك وغير غالب ( تعين ) الغالب وإن كان مغشوشا أو ناقص الوزن إذ الظاهر إرادتهما له ، فإن تفاوتت قيمة أنواعه ورواجها وجب التعيين ، وذكره النقد جرى على الغالب أو المراد منه مطلق العوض ; لأنه لو غلب بمحل البيع عرض كفلوس وحنطة تعين ولو مع جهل وزنه وعلم من ذلك أن الفلوس لا تدخل في النقد إلا مجازا وإن أوهمت عبارة الشارح كابن المقري أنها منه ، ويدفع الإيهام أن يجعل قوله أو فلوس عطفا على نقد .
قال الأذرعي : ومحل الحمل على الفلوس إذا سماها ، أما إذا سمى الدراهم فلا وإن راجت ; لأن الإطلاق ينصرف إلى الفضة .
نعم الأوجه أنه لو أقر بإنصاف رجع في ذلك للمقر أو باع بها واختلفت قيمتها وجب البيان وإلا لم يصح البيع أو اتفقت واختلفا فيما وقع العقد به تحالفا ، ولا يعارض ذلك ما لو قال بعتك بمائة درهم من صرف عشرين بدينار حيث لم يصح للجهل بنوع الدراهم وإنما عرفها بالتقويم وهو غير منضبط ولهذا صح بمائة دراهم من دراهم البلد التي قيمة عشرين منها دينار لأنها معينة حينئذ ، ولا تصريحهم في الكتابة التي بدراهم أن السيد لو وضع عنه دينارين ثم قال أردت ما يقابلهما من الدراهم صح ولو جهلاه ، ويجري ذلك في سائر [ ص: 412 ] الديون إذ الحط تبرع محض لا معاوضة فيه فاعتبر نية الدائن فيه ، ولو لم يصح لتردده ولو باعه بالدراهم فهل يصح ويحمل على ثلاثة ، أو يبطل وجهان في الجواهر ، وجزم في الأنوار بالبطلان لكنه عبر بدراهم ولا فرق ، بل البطلان مع التعريف أولى ; لأن أل فيه إن جعلت للجنس أو للاستغراق زاد الإيهام أو للعهد فلا عهد هنا . باع بوزن عشرة دراهم من فضة ولم يبين أهي مضروبة أم تبر
نعم إن كان ثم عهد أو قرينة بأن اتفقا على ثلاثة مثلا ، ثم قال : بعتك بالدراهم وأراد المعهودة احتمل القول بالصحة ( أو ) في البلد ( نقدان ) فأكثر أو عرضان كذلك ( ولم يغلب أحدهما ) وتفاوتا قيمة أو رواجا ( اشترط التعيين ) لأحدهما لفظا لا نية فلا تكفي بخلاف نظيره من الخلع ; لأنه يغتفر فيه ما لا يغتفر هنا ، ولا يرد عليه الاكتفاء بنية الزوجة في النكاح كما يأتي ; لأن المعقود عليه تم ضرب من المنفعة وهنا ذات العوض فاغتفر ثم ما لم يغتفر هنا وإن كان النكاح مبناه على الاحتياط والتعبد أكثر من غيره ، فإن اتفقت النقود ونحوها ولو صحاحا ومكسرة بأن لم تتفاوت قيمة وغلبة صح العقد بها من غير تعيين ويسلم المشتري ما شاء منها ، ولو أبطل السلطان ما باع به أو أقرضه لم يكن له غيره بحال نقص سعره أم زاد أم عز وجوده ، فإن فقد وله مثل وجب وإلا فقيمته وقت المطالبة ، وهذه المسألة قد عمت بها البلوى في زمننا في الديار [ ص: 413 ] المصرية في الفلوس ، ويجوز التعامل بالمغشوشة أخذا مما مر وإن جهل قدر غشها سواء أكانت له قيمة لو انفرد أم لا استهلك فيها أم لا ، ولو في الذمة ; لأن المقصود رواجها فتكون كبعض المعاجين المجهولة الأجزاء أو مقاديرها وإنما لم يصح بيع تراب المعدن نظرا إلى أن المقصود منه النقد وهو مجهول ، ومثل ذلك في انتفاء الصحة . بيع لبن خلط بماء ، ونحو مسك خلط بغيره لغير تركيب
نعم بحث الولي العراقي أن الماء لو قصد خلطه باللبن لنحو حموضته وكان بقدر الحاجة صح ; لأنه حينئذ كخلط غير المسك به للتركيب ، ومتى جازت المعاملة بها وضمنت بمعاملة أو إتلاف فالواجب مثلها إذ هي مثلية لا قيمتها إلا إن فقد المثل فتجب قيمتها ، وحيث وجبت القيمة أخذت قيمة الدراهم ذهبا وعكسه .