( باب ) بالتنوين في البيوع المنهي عنها وما يتبعها
ثم النهي قسمان : أحدهما ما يقتضي الفساد والحرمة ; لأن أو مع التقصير في تعلمه لكونه مما لا يخفى ، وهو مخالط للمسلمين بحيث يبعد جهله بذلك [ ص: 446 ] حرام أيضا سواء ما فساده بالنص أو الاجتهاد ، والمراد به ما حصل بسبب مفسدة نشأت من اختلال أحد أركان العقد كالنهي عن بيع مال الغير بغير إذنه وبيع الخمر والكلب والخنزير والملامسة والمنابذة فإن منشأ المفسدة الداعية إلى النهي عنه في الأول إنما هو أمور راجعة إلى العاقد وفي الثاني إلى المعقود عليه ، وفي الثالث إلى الصيغة وقيد ذلك تعاطي العقد الفاسد : أي مع العلم بفساده الغزالي واعتمده الزركشي بما إذا قصد به تحقيق المعنى الشرعي دون إجراء اللفظ من غير تحقيق معناه فإنه باطل ، ثم إن كان له محمل كملاعبة الزوجة بنحو بعتك نفسك لم يحرم وإلا حرم إذ لا محمل له غير المعنى الشرعي ، وقد يجوز لاضطرار تعاطيه كأن امتنع ذو طعام من بيعه منه إلا بأكثر من قيمته فله الاحتيال بأخذه منه ببيع فاسد حتى لا يلزمه إلا المثل أو القيمة وثانيهما ما كان النهي عنه بسبب عارض لهذه الحقيقة خارج عنه فلا يوجب الفساد كالبيع وقت [ ص: 447 ] النداء .
وقد أشار إلى أشياء من الأول فقال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب ) بفتح فسكون للمهملتين وبالباء الموحدة ( الفحل ) رواه الشيخان ( وهو ضرابه ) بكسر الضاد : أي طروقه للأنثى وهذا هو الأشهر ومن ثم حكى مقابليه بيقال ( ويقال ماؤه ) وكل من هذين لا يتعلق به نهي ، فالتقدير عن بدل عسب من أجرة ضرابه وثمن مائه : أي إعطاء ذلك وأخذه وإلا فالعسب لا يتعلق به النهي ; لأنه ليس من أفعال المكلفين ( ويقال أجرة ضرابه ) والفرق بين هذا والأول أن الأجرة ثم مقدرة مع عمومه وهنا ظاهرة وهذه حكمة اقتصار الشارح على ذكر التقدير في الأولين مع أنه جار في الثلاثة مع أن الأولين فيهما تقديران وفي الثالث واحد ( فيحرم ثمن مائه ) ويبطل بيعه ; لأنه غير متقوم ولا مقدور على تسليمه ولا معلوم ( وكذا ) تحرم ( أجرته ) للضراب ( في الأصح ) ; لأن [ ص: 448 ] فعل الضراب غير مقدور عليه للمالك .
والثاني يجوز كالاستئجار لتلقيح النخل ، وفرق الأول بأن الإيجار لتلقيح النخل في المستأجر عليه هو فعل الأجير الذي هو قادر عليه ، ويجوز الإهداء لصاحب الفحل وتستحب إعارته للضراب .