( ولو ) ( فأصل المذهب أنه لا يرث ذوو الأرحام ) الآتي بيانهم لما صح من { ( فقدوا أي الورثة كلهم ) } وقد اعتضد به الخبر المرسل { أنه صلى الله عليه وسلم استفتي فيمن ترك عمته وخالته لا غير ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم رجل ترك عمته وخالته لا وارث غيرهما ، ثم قال أين السائل ؟ فقال : ها أنا ذا ، قال : لا ميراث لهما قباء يستخير الله في العمة والخالة فأنزل الله لا ميراث لهما } ( ولا ) استئناف لفساد العطف بإيهامه التناقض ( يرد على أهل الفرض ) فيما لو وجد بعضهم ولم يستغرق كبنت أو أخت فلا يرد الباقي عليهما لئلا يبطل فرضهما المقدر ( بل المال ) وهو الكل في الأولى والباقي في الثانية ( لبيت المال ) ولو غير منتظم لجور الإمام أو عدم أهليته ; لأن الإرث لجهة الإسلام ولا ظلم من أهله فلم يبطل حقهم بجوره . أنه صلى الله عليه وسلم ركب إلى
ومعنى الأصل هنا المعروف الثابت المستقر من المذهب ، وقد يطرأ على الأصل [ ص: 12 ] ما يقتضي مخالفته ( و ) من ثم ( أفتى المتأخرون ) من الأصحاب : أي أكثرهم كما دل عليه كلامه في الروضة ، فلا ينافي أن كثيرا من المتقدمين عليه كما يستفاد من قول المصنف في الروضة إنه الأصح أو الصحيح عند محققي الأصحاب منهم ابن سراقة من كبار أصحابنا ومتقدميهم ، ثم صاحب الحاوي والقاضي حسين والمتولي وآخرون ، ويؤخذ مما قررناه أن المتأخرين في كلام الشيخين ونحوهما كل من كان بعد الأربعمائة ، وأما الآن وقبله فهم من بعد الشيخين ( إذا لم ينتظم أمر بيت المال ) بأن كأن جار ( بالرد على أهل الفرض ) ; لأن المال مصروف إليهم أو لبيت المال بالاتفاق ، فإن تعذرت إحدى الجهتين تعينت الأخرى ، وإنما جاز دفع الزكاة للجائر ; لأن للمزكي غرضا في الدفع إليه لتيقنه به براءة ذمته وتوفر مؤنة التفرقة عليه ودفع خطر ضمانه بالتلف بعد التمكن لو لم يبادر بالدفع إليه ولا غرض هنا ، وأيضا مستحقو الزكاة قد ينحصرون بالأشخاص فيطالبون ولا كذلك جهة المصالح فكانت أقرب للضياع . فقد الإمام أو انتفت أهليته
وأيضا فالشارع نص على ولاية الإمام في الزكاة دون الإرث وما يتوهم من عبارته من عدم الصرف على رأي المتأخرين لغير المنتظم حيث فقد ذوو الأرحام وغيرهم ليس بمراد ، بل على من هو بيده صرفه لحاكم البلد الأهل ليصرفه في المصالح إن شملتها ولايته ، فإن لم تشملها تخير بين صرفه له وتولية صرفه لها بنفسه إن كان أمينا عارفا كما لو فقد الأهل ، فإن لم يكن أمينا فوضه لأمين عارف .
وعبارة ابن عبد السلام : إذا جار الملوك في مال المصالح وظفر به أحد ممن يعرفها صرفه فيها وهو مأجور على ذلك ، بل الظاهر وجوبه ( غير ) بجرها صفة لأهل لتعرفها بالإضافة ; لأنها وقعت بين ضدين على ما فيه ونصبها على الاستثناء وهو أولى أو متعين ( الزوجين ) بالإجماع ; لأن علة الرد القرابة وهي مفقودة فيهما ، ومن ثم ( ما فضل عن فروضهم بالنسبة ) أي نسبة سهام من يرد عليهم : أي نسبة سهام كل واحد ممن يرد عليه إلى مجموع سهامه وسهام رفقته ، ففي بنت وأم وزوج يبقى بعد إخراج فروضهم سهم من اثني عشر ثلاثة أرباعها للبنت وربعها للأم ; لأن سهامهما ثمانية ثلاثة أرباعها للبنت وربعه للأم ، فتصح المسألة من ثمانية وأربعين ، وترجع بالاختصار إلى ستة عشر للزوج أربعة وللبنت تسعة وللأم ثلاثة ، وفي بنت وأم وزوجة يبقى بعد إخراج فروضهن خمسة من أربعة وعشرين للأم ربعها سهم وربع فتصح المسألة من ستة وتسعين ، وترجع بالاختصار إلى اثنتين وثلاثين للزوجة أربعة وللبنت أحد وعشرون وللأم سبعة وفي بنت وأم يبقى بعد إخراج فرضيهما سهمان من ستة للأم ربعها نصف سهم فتصح المسألة من اثني عشر ، وترجع بالاختصار إلى أربعة للبنت ثلاثة وللأم واحد ، وكذا يقال على وفق الاختصار ابتداء في هذه كما أفاده ترث زوجة تدلي بعمومة أو خؤولة بالرحم لا بالزوجية الشارح تجعل سهامهما من الستة .
[ ص: 13 ] المسألة وفي اللتين قبلها الباقي من مخرجي الربع والثمن للزوجين بعد نصيبهما لا ينقسم على أربعة سهام البنت والأم من مسألتهما فتضرب في كل من المخرجين ، ولو كان ذو الفرض واحدا كبنت رد إليها الباقي أو اثنين كبنتين فالباقي بينهما بالسوية ، والرد ضد العول ; لأنه زيادة في قدر السهام ونقص في عددها والعول نقص في قدرها وزيادة في عددها ( فإن لم يكونوا ) أي ذوو الفروض ( صرف ) المال ( إلى ذوي الأرحام ) إرثا عصوبة فيأخذ جميعه من انفرد منهم ولو أنثى وغنيا لخبر { } ، وإنما قدم الرد عليهم ; لأن القرابة المفيدة لاستحقاق الفرض أقوى ، وإذا صرف إليهم فالأصح تعميمهم ، والأصح في إرثهم مذهب أهل التنزيل وهو أن ينزل كل فرع منزلة أصله الذي يدلي به إلى الميت فيجعل ولد البنت والأخت كأمهما وبنتا الأخ والعم كأبيهما والخال والخالة كالأم والعم للأم والعمة كالأب ففي بنت بنت وبنت بنت ابن المال بينهما أرباعا ، وإذا نزلتا كلا كما ذكر قدم الأسبق للوارث لا للميت ، فإن استووا قدر كأن الميت خلف من يدلون به ، ثم يجعل نصيب كل لمن أدلى به على حسب إرثه لو كان هو الميت إلا أولاد الأم والأخوال والخالات منها فبالسوية . الخال وارث من لا وارث له
وقضية كلامهم أن إرث ذوي الأرحام كإرث من يدلون به في أنه إما بالفرض أو بالتعصيب وهو ظاهر ، ويراعى الحجب فيهم كالمشبهين بهم ، ففي ثلاث بنات إخوة متفرقين لبنت الأخ للأم السدس ولبنت الشقيق الباقي وتحجب بها الأخرى كما يحجب أبوها أباها . نعم التنزيل إنما هو بالنسبة للإرث لا للحجب : أي بالنسبة لأهل الفرض كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى فلو لا تحجبها إلى الثمن وكذا البقية ، أو عن ثلاث بني أخوات متفرقات فالمال بينهم على خمسة كما هو بين أمهاتهم بالفرض والرد ( وهم ) شرعا كل قريب وفي اصطلاح الفرضيين ( من سوى المذكورين من الأقارب ) من كل من لا فرض له ولا عصوبة ( وهم عشرة أصناف ) وبالمدلى الآتي يصيرون أحد عشر ( أبو الأم وكل جد وجدة ساقطين ) كأبي أبي الأم وأم أبي الأم ، وإن عليا وهؤلاء صنف . مات عن زوجة وبنت بنت
( وأولاد البنات ) ذكورا ، وإناثا ومنهم أولاد بنات الابن ( وبنات الإخوة ) مطلقا دون ذكور غير الإخوة للأم ( وأولاد الأخوات ) [ ص: 14 ] مطلقا ( وبنو الإخوة للأم ) وبناتهم كما فهم بالأولى ( والعم للأم ) أي أخو الأب لأمه ( وبنات الأعمام والعمات ) بالرفع ( والأخوال والخالات ) وعطف على العشرة قوله ( والمدلون بهم ) أي المذكورين ما عدا الأول ; لأن الأم تدلي به ، وهي ذات فرض .