( فصل ) في حكم الجد مع الإخوة إذا ففيه خلاف منتشر بين الصحابة ومن ثم استعظموا الكلام فيه حتى قال ( اجتمع جد ) ، وإن علا ( وإخوة وأخوات لأبوين أو لأب ) عمر وعلي رضي الله عنها : أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار وقال : من سره أن يقتحم جراثيم جهنم بحر وجهه فليقض بين الجد والإخوة وقال : سلوني [ ص: 25 ] عما شئتم من عصباتكم ولا تسألوني عن الجد لا حياه ولا بياه . وحاصله إجماعهم على عدم إسقاطه بهم . ابن مسعود
ثم ذهب كثير من الصحابة وأكثر التابعين أنه يحجبهم كالأب وذهب إليه واختاره جمع من أصحابنا . وقال الأئمة الثلاثة ككثير من الصحابة إنه يقاسمهم على تفصيل حاصله أنه متى اجتمع معهم ( فإن لم يكن معهم ذو فروض فله الأكثر من ثلث المال ومقاسمتهم كأخ ) لاجتماع جهة الفرض والتعصيب فيه ، ووجه أخذه الثلث ; لأنه مع الأم يأخذ مثليها والإخوة لا ينقصونها عن السدس فوجب أن لا ينقصوه عن ضعفه ، والمقاسمة أنه مستو معهم في الإدلاء بالأب ( فإن أخذ الثلث فالباقي لهم ) للذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم إن كانوا مثليه لكونهم أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات استويا ، وهل يحكم على ما أخذه بأنه فرض أو لا ، صحح أبو حنيفة ابن الهائم الأول ونقله ابن الرفعة عن ظاهر نص الأم ، لكن ظاهر كلام الرافعي أنه تعصيب ، واعتمده السبكي قال : وقد تضمن كلام ابن الرفعة نقلا عن بعضهم أن جمهور أصحابنا عليه ، وينبني عليه ما لو أوصى بجزء بعد الفرض أو دون مثليه ككونهم أختا أو أخا أو أختين أو ثلاث أخوات أو أخا وأختا فالقسمة خير له أو فوق مثليه وذلك فيما سوى الأمثلة المذكورة فالثلث خير له .
( وإن كان ) معهم ( ذو فرض فله ) بعد الفرض ( الأكثر من سدس ) جميع ( التركة وثلث الباقي والمقاسمة ) وجه السدس أن الأولاد لا ينقصونه عنه فالإخوة أولى وثلث الباقي أنه لو تعدد ذو الفرض أخذ ثلث المال والمقاسمة لما مر من تنزيله منزلة أخ ، وذوات الفرض معهم بنت بنت ابن وأم جدة زوج فالسدس خير في زوجة وبنتين وجد وأخ وثلث الباقي في جدة وجد وخمسة إخوة ، والمقاسمة في جدة وجد وأخ ( وقد لا يبقى شيء ) بعد أصحاب الفرض ( كبنتين وأم وزوج فيفرض له سدس ويزاد في العول ) ; لأنها من اثني عشر وعالت إلى ثلاثة عشر فيزاد له إلى خمسة عشر ( وقد يبقى دون سدس كبنتين وزوج فيفرض له وتعال ) ; لأنها من اثني عشر يفضل واحد يزاد عليه آخر فتعال إلى ثلاثة عشر ( وقد يبقى سدس كبنتين وأم ) أصلها من ستة يفضل واحد ( فيفوز به الجد وتسقط الإخوة ) والأخوات ( في هذه الأحوال ) ; لأنهم عصبة ولم يبق بعد الفرض شيء .
( ولو كان مع الجد إخوة وأخوات لأبوين أو لأب فحكم الجد ما سبق ) من خير الأمرين حيث لا صاحب فرض ، وخير الثلاثة مع ذوى الفرض كما لو لم يكن معه إلا أحد الصنفين المذكورين أول الفصل ، ومن ثم عطف فيما مر بأو وهنا بالواو ( ويعد أولاد الأبوين عليه أولاد الأب في القسمة ) أي يدخلونهم معهم فيها إذا كانت خيرا له ( فإذا أخذ حصته فإن كان في أولاد الأبوين ذكر ) متحد أو متعدد انضم له أنثى أو أكثر أو كان البعض ذكرا وحده أو أنثى معها بنت أو بنت ابن وأخ لأب ( فالباقي ) في الأولى بأقسامها ( لهم ) للذكر مثل حظ الأنثيين ، وفي الثانية له ، وفي الثالثة لها : أي تعصيبا لما مر أنها معها عصبة مع الغير ( وسقط أولاد الأب ) كجد وشقيق [ ص: 26 ] أخ وأخت لأب للجد الثلث والباقي للشقيق وحجباه مع كون أحدهما غير وارث كما يحجبان الأم بجامع أن له ولادة كهي ، وكما يحجبها معه ولداها مع حجبهما به ، وكما أنهم يردونها إلى السدس ، والجد يحجبهم ويأخذ ما نقص من الأم ، ويفارق ما قررناه اجتماع أخ لأم مع جد وشقيق ، فإن الجد هو الحاجب له مع أنه لا يفوز بحصته بأن الإخوة جهة واحدة ، فجاز أن ينوب أخ عن أخ ، بخلاف الجدودة والأخوة ، وبأن ولد الأب المعدود غير محروم أبدا ، بل قد يأخذ كما يأتي فكان لعده وجه ، والأخ لأم محروم بالجد أبدا فلا وجه لعده ( وإلا ) بأن لم يكن فيهم ذكر بل تمحضوا إناثا ( فتأخذ الواحدة إلى النصف ) أي النصف تارة كجد وشقيقة وأخ لأب من خمسة .
وتصح من عشرة : للجد أربعة ، وللشقيقة النصف خمسة : أي فرضا يفضل واحد للأخ من الأب ، ودونه أخرى كجد وزوجة وأم وشقيقة وأخ لأب للشقيقة هنا الفاضل وهو دون النصف ; لأنه ربع وعشر ( و ) تأخذ ( الثنتان فصاعدا إلى الثلثين ) أي الثلثين تارة كجد ، وشقيقتين وأخت لأب من خمسة للشقيقتين ثلاثة ، وهو دون الثلثين ، وعدم زيادة الواحدة إلى النصف والثنتين إلى الثلثين يدل على أن ذلك تعصيب ، وإلا زيد وأعيل وظاهر أن هذا تعصيب بالغير ، وإن لم يأخذ مثلها ; لأنه لعارض هو اختلاف جهة الجدودة والأخوة ( ولا يفضل عن الثلثين شيء ) ; لأن الجد لا يأخذ أقل من الثلث ( وقد يفضل عن النصف ) شيء ( فيكون لأولاد الأب ) كما مر في جد وشقيقة وأخ لأب ( والجد مع أخوات كأخ فلا يفرض لهن معه ) ولا تعال المسألة بينهن ( إلا في الأكدرية ) نسبة للسائل أو المسئول عنه ، أو ; لأنها كدرت على زيد مذهبه ; لأنه لا يفرض ولا يعيل وقد فرض فيها وأعال ، وقيل ; لأن زيدا كدر على الأخت بإعطائها النصف ثم استرجاع بعضه منها ، وقيل لتكدر أقوال الصحابة فيها .
( وهي زوج وأم وجد وأخت لأبوين أو لأب ، فللزوج نصف وللأم ثلث وللجد سدس وللأخت نصف ) إذ لا مسقط لها ولا معصب ; لأن الجد لو عصبها نقص حقه ( فتعول ) المسألة بنصيبها من ستة إلى تسعة ( ثم يقسم الجد والأخت نصيبهما ) وهما أربعة ( أثلاثا له الثلثان ) ولها الثلث فانكسرت على مخرج الثلث فاضرب ثلاثة في تسعة تبلغ سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة ، وإنما قسم الثلث بينهما ; لأنه لا سبيل إلى تفضيلها على الجد كما في سائر صور الجد والأخت ، ففرض لها بالرحم وقسم بينهما بالتعصيب رعاية للجانبين ، وإنما [ ص: 27 ] لم تسقط بالجد على قياس كونها عصبة ، وإن رجع الجد إلى الفرض مع قولهم في بنتين وأم وجد وأخت : للبنتين الثلثان وللأم السدس وللجد السدس وتسقط الأخت ; لأنها عصبة مع البنات ، ومعلوم أن البنات لا يأخذن إلا الفرض ; لأن ذلك عصوبة من وجه وفريضة من وجه ، فالتقدير باعتبار الفريضة ، والقسمة باعتبار العصوبة .
وأيضا لا يصح ما ذكر إلا أن تكون الأخت عصبة مع الجد ، والجد صاحب فرض ، كما أن الأخت عصبة مع البنت والبنت صاحبة فرض ، وليس كذلك بل الأخت عصبة بالجد وهو عصبة أصالة ، وإنما تحجب بالفرض بالولد وولد الابن ، ولو كان بدل الأخت أخ سقط أو أختان فللأم السدس ولهما السدس الباقي ولا عول ولم تكن أكدرية ، ولو سقط من هذه المسألة الزوج كان للأم الثلث فرضا وقاسم الجد الأخت في الثلثين .