الركن الرابع : الصيغة ، وفصل بينه وبين الثالث بما في هذا الفصل والذي قبله ; لأن لهما مناسبة بما ذكره قبلهما من الإجازة في الوصية للوارث ، ومن كون الموصى به قد يبلغ الثلث وقد لا وقد يكون في المرض لفظ وقد لا ، وذيل بهما ليتفرغ الذهن للرابع لصعوبته وطول الكلام فقال ما أشعر بها من لفظ أو نحوه ككتابة مع نية كما سيأتي ، وإشارة أخرس ، فمن الصريح ( أوصيت ) فما أفهمه تعريف الجزأين من الحصر غير مراد ( له بكذا ) ولو لم يقل بعد موتي لوضعها شرعا لذلك ( أو ادفعوا إليه ) كذا ( أو أعطوه ) كذا وإن لم يقل من مالي أو وهبته أو حبوته أو ملكته كذا أو تصدقت عليه بكذا ( بعد موتي ) أو نحوه الآتي راجع لما بعد أوصيت ، ولم يبال بإيهام رجوعه له نظرا لما عرف من سياقه أن أوصيت وما اشتق منه موضوعة لذلك ( أو جعلته له ) بعد موتي ( أو هو له بعد موتي ) أو بعد عيني أو إن قضى الله علي وأراد الموت وإلا فهما لغو ، وذلك ; لأن إضافة كل منهما للموت صيرتها بمعنى الوصية ، وكأن حكمة تكريره بعد موتي اختلاف ما في السياقين ، إذ الأول محض أمر . ( وصيغتها ) أي الوصية
والثاني لفظه لفظ الخبر ، ومعناه الإنشاء ، وزعم أنها لو تأخرت لم تعد للكل ; لأن العطف بأو ضعيف كما مر في الوقت ( فلو اقتصر على ) نحو وهبته له فهو هبة ناجزة ، أو على نحو ادفعوا إليه كذا من مالي فتوكيل يرتفع بنحو موته وفي هذه وما قبلها لا يكون كناية وصية [ ص: 65 ] أو على جعلته له احتمل الوصية والهبة ، فإن علمت نيته لأحدهما وإلا بطل ، أو على ثلث مالي للفقراء لم يكن إقرارا بل كناية وصية على الراجح أو على ( هو له فإقرار ) ; لأنه من صرائحه ووجد نفاذا في موضوعه فلا يجعل كناية وصية ، وكذا لو اقتصر على قوله هو صدقة أو وقف على كذا فينجز من حينئذ وإن وقع جوابا ممن قيل له أوص ; لأن مثل ذلك لا يفيد ( إلا أن يقول هو له من مالي فيكون وصية ) أي كناية عنها لاحتماله لها وللهبة الناجزة فافتقر للنية ، وبه يرد ما رجحه السبكي أنه صريح ، وعلى الأول لو مات ولم تعلم نيته بطل ; لأن الأصل عدمها ، والإقرار هنا غير متأت لأجل قوله مالي نظير ما يأتي ( ) وهي ما احتمل الوصية وغيرها كقوله عينت له هذا أو عبدي هذا له كالبيع بل أولى وتنعقد بكناية ولو من ناطق ، ولا بد من الاعتراف بها نطقا منه أو من وارثه وإن قال هذا خطي أو ما فيه وصيتي . ( والكتابة ) بالتاء ( كناية ) فتنعقد بها مع النية
ولا يسوغ للشاهد التحمل حتى يقرأ عليه الكتاب أو يقول أنا عالم بما فيه وقد أوصيت به ، وإشارة من اعتقل لسانه يجري فيها تفصيل الأخرس فيما يظهر ، ومر أن كتابته لا بد فيها من نية وأنه يكفي الإعلام بها بإشارة أو كتابة ، ولو قال من ادعى علي شيئا أو أنه وفى مالي عنده فصدقوه من غير حجة ، والأوجه أنه وصية ; لأنه لا يسمح له بشيء وإنما قنع منه بحجة بدل حجته أو ما في جريدتي قبضته كله فهو إقرار بالنسبة لما علم أنه فيها وقته