( ولو ) أعطي واحدة منها وليس للوارث أن يعطيه من غيرها وإن رضيا ; لأنه صلح على مجهول ولو لم يكن له سوى واحدة تعينت إن خرجت من الثلث وإن قال ذلك ( ولا غنم له ) عند الموت ( لغت ) وصيته لعدم ما تتعلق به وإن كان له ظباء ; لأنها إنما تسمى شياه البر لا غنمه ، وبه فارق ما مر فاندفع القول بكونه مخالفا [ ص: 70 ] له أما إذا لم يكن له غنم عند الوصية وله ذلك عند الموت فإنها تصح كما لو ( قال أعطوه شاة ) أو رأسا ( من غنمي ) أو من شياهي بعد موتي وله غنم عند موته ( وإن ) قال أعطوه رأسا من رقيقي ولا رقيق له عند الوصية ثم ملكه بعد كما في المحرر أي عند موته ( اشتريت له ) شاة بأي صفة كانت ولو معيبة ، فالضمير في اشتريت للشاة وهو للوحدة ، فلا فرق بين أن يقول اشترى أو اشتريت وإن زعم بعضهم أن اشترى أولى ، فإن كان له غنم فللوارث أن يعطيه منها وأن يعطيه من غيرها شاة على غير صفة غنمه لشمول الوصية لذلك ، وإن قال اشتروا له شاة تعينت سليمة كما مر ; لأن إطلاق الأمر بالشراء يقتضيها كما في التوكيل بالشراء ، ويقاس بما ذكر أعطوه رأسا من رقيقي أو رأسا من مالي أو اشتروا ذلك ، ولو قال أعطوه رقيقا واقتصر على ذلك فكما لو قال من مالي في أنه يتخير بين إعطائه من أرقائه أو غيرهم ، ويقاس عليه ما لو قال أعطوه شاة ولم يقل من مالي ولا غنمي ( والجمل والناقة يتناولان البخاتي ) بتشديد الياء وتخفيفها واحدها بختي وبختية ( والعراب ) السليم والصغير وضدهما لصدق الاسم عليهما ( لا أحدهما الآخر ) فلا يتناول الجمل الناقة وعكسه لاختصاصه بالذكر وهي الأنثى ، فمن ثم لم يتناول البعير . قال ( قال ) أعطوه شاة ( من مالي ) ولا غنم له الزركشي جزما ( والأصح تناول بعير ناقة ) وغيرها من نظير ما مر في الشاة ; لأنه اسم جنس ، ومن ثم سمع حلب بعيره إلا الفصيل وهو ولد الناقة إذا فصل عنها والثاني المنع ورجحه كثيرون وقال الماوردي والغزالي إنه المذهب ( لا ) بغلة ذكرا ولا ( بقرة ثورا ) بالمثلثة ولا عجلة وفي ما لم تبلغ سنة للعرف العام وإن اتفق أهل اللغة على إطلاقها عليه إذ لم يشتهر عرفا ( والثور ) [ ص: 71 ] أو الكلب أو الحمار مصروف ( للذكر ) فقط لذلك .
ويتناول البقر جاموسا وعكسه كما بحثاه بدليل تكميل نصاب أحدهما بالآخر وعدهما في الزنا جنسا واحدا ، بخلاف بقر الوحش فلا يتناوله البقر . نعم إن قال من بقري ولا بقر له سواها دخلت كما بحثه الزركشي ، وإنما حنث من حلف لا يأكل لحم بقر بأكله لحم بقر وحشي ; لأن ما هنا مبني على اللغة حيث لا عرف عام يخالفها وإن خفيت كما يظهر بتأمل كلامهم وثم لا يبنى على اللغة إلا إن اشتهرت ، وإلا رجع للعرف العام أو الخاص كما يعلم مما يأتي ثم ( والمذهب حمل الدابة ) وهي لغة كل ما يدب على الأرض ( على فرس وبغل وحمار ) أهلي وإن لم يمكن ركوبها كما شمله إطلاقهم ، خلافا لما في التتمة فيعطى أحدها في كل بلد عملا بالعرف كالعراق ، بخلاف سائر البلاد ، ويتعين أحدها إن لم يكن له عند الموت سواه أو إن ذكر مخصصه كالكر والفر ، أو القتال للفرس وألحق بما إذا قال ذلك فيل اعتيد القتال عليه وكالحمل للأخيرين ، وحينئذ لا يعطى إلا صالحا أخذا له مما مر ، فإن اعتيد على البراذين أو البقر أو الجمال دخلت فيعطى أحدهما ولو لم يكن له عند موته واحد من الثلاثة بطلت .
نعم إن كان له شيء من النعم أو نحوها فالقياس الصحة ويعطى منها [ ص: 72 ] لصدق اسم الدابة عليها حينئذ كما لو قال أعطوه شاة من شياهي وليس عنده إلا ظباء فإنه يعطى منها كما مر ، وجزم بهذا في العباب .
وقال البلقيني : إنه معنى الحقيقة اللغوية أو يحمل على المجاز العرفي .
قال : ويدل له أنه لو وقف على أولاده وليس له إلا أولاد أولاد فإنه يصح الوقف ويصرف إليهم وإن كان إطلاق الولد عليهم مجازا ، لكن يتعين المجاز بمقتضى الواقع ( ويتناول الرقيق صغيرا وأنثى ومعيبا وكافرا وعكوسها ) وخنثى لصدق الاسم ، نعم إن خصصه تخصص نظير ما مر ، ففي يقاتل معه أو يخدمه في السفر يتعين الذكر وكونه في الأولى سليما من نحو عمى وزمانة ولو غير بالغ ، وفي الثانية سليم مما يمنع الخدمة كما بحثه الأذرعي .
قال في الروضة : ولو قال أعطوه رقيقا يخدمه فهو كما لو أطلق : أي بالنسبة للذكورة والأنوثة لا مطلقا إذ الظاهر أنه لا يكتفى بمن لا يصلح للخدمة ، قاله الأذرعي أو ليحضن ولده تعين الأنثى والأوجه في يتمتع به الأنثى السليمة من مثبت خيار النكاح ، وبما تقرر يعلم أن ما أجمله الموصي يحمل على اللغة ما أمكن ، وإلا فالعرف العام ثم الخاص ببلد الموصي ، فإن فقد ذلك كله رجع الاجتهاد الوصي ثم الحاكم فيما يظهر ، والأوجه حمل الوصية بطعام [ ص: 73 ] على عرفهم دون عرف الشرع المذكور في الربا والوكالة لعدم اشتهاره فبعد قصده ، ويؤيده إفتاء جمع فمن أوصى بغنم وحب لمن يقرءون عليه بإجراء ذلك على عادتهم المطردة به في عرف الموصي