كما بأصله ولو مؤبدا ; لأنه خالص ملكه . و ( له ) أي الوارث ومثله موصى له برقبته دون منفعته ( إعتاقه ) يعني القن الموصى بمنفعته
نعم إعتاقه عن الكفارة ممتنع ، ومثل ذلك إعتاقه عن النذر بناء على أنه يسلك به مسلك واجب الشرع كما قاله الأذرعي ، وسواء في ذلك أكانت الوصية موقتة بمدة قريبة أم لا كما شمله كلامهم خلافا للأذرعي ، وكذا كتابته لعجزه عن الكسب والوصية بحالها بعد العتق ومؤنته في بيت المال وإلا فعلى مياسير المسلمين ( وعليه ) أي الوارث ومثله الموصى له برقبته ( نفقته ) يعني مؤنة الموصى بمنفعته قنا كان أو غيره ، ومنها فطرة القن ( إن أوصي ) بالبناء للمفعول وهو الأحسن ويصح للفاعل وحذف للعلم به أي إن أوصى الموصي ( بمنفعته مدة ) ; لأنه مالك الرقبة والمنفعة فيما عدا تلك المدة وفيما إذا تحمل على السنة الأولى لقولهم لو أوصى بمنفعته [ ص: 87 ] سنة ثم أجره سنة ومات فورا بطلت الوصية ; لأن المستحق منفعة السنة الأولى وقد فوتها ، وعلى تعين الأولى لو كان الموصى له غائبا عند الموت وجب له إذا قبل تلك الوصية بدل منفعة تلك السنة التي تلي الموت وإن تراخى في القبول عنها ; لأن به يتبين استحقاقه من حين الموت كما علم مما مر على من استولى عليها من وارث أو غيره كما هو ظاهر وإن قيل بفوات حقه بغيبته وإن له سنة من حين المطالبة ( وكذا أبدا في الأصح ) ; لأنه ملكه وهو متمكن من دفع الضرر عنه بإعتاق أو غيره . والثاني أنها على الموصى له ; لأنه مستوفى المنفعة فهو كالزوج وعلف الدابة كنفقة الرقيق ، وأما سقي البستان الموصى بثمره فإن تراضيا عليه أو تبرع به أحدهما فظاهر وليس للآخر منعه ، وإن تنازعا لم يجبر واحد منهما ، بخلاف النفقة لحرمة الروح ، وأفتى صاحب البيان بأنه وإن عتق ينسحب عليه حكم الأرقاء لاستغراق منافعه على الأبد ، بخلاف المستأجر لانتهاء ملك منافعه ، واعتمده أوصى بمنفعة عبد أو دار سنة الأصبحي وخالفهما أبو شكيل والبستي فقالا له حكم الأحرار ، ورجح بعض المتأخرين الثاني بأنه أوفق لإطلاق الأئمة إذ لم يعد أحد من موانع نحو الإرث والشهادة استغراق المنافع ا هـ .
فقول الهروي تلزمه الجمعة يحتمل كلا من الرأيين ، أما الأول فواضح وأما الثاني فهو لاستغراق منافعه إن كان حرا ، ومحله إن زاد اشتغاله بها على قدر الظهر وإلا لزمته ولم يكن لمالك منافعه منعه منها كالسيد مع قنه ( وبيعه ) أي الموصى بمنفعته فهو مضاف للمفعول وحذف فاعله وهو الوارث للعلم به ، ويصح عود الضمير للوارث السابق فهو مضاف للفاعل ( إن لم يؤبد ) بالبناء للفاعل وحذف للعلم به : أي الموصي المنفعة ، وللمفعول : أي إن لم تؤبد الوصية بمنفعته ( ك ) بيع الشيء ( المستأجر ) فيصح البيع ولو لغير الموصى له ، وشمل ما لو كانت المدة مجهولة وطريق الصحة حينئذ ما ذكره في اختلاط حمام البرجين مع الجهل ( وإن أبد ) المنفعة ولو بإطلاقها لما مر أنه يقتضي التأبيد ( فالأصح أنه يصح بيعه للموصى له دون غيره ) إذ لا فائدة لغيره فيه أي فائدة ظاهرة ، ومحل المنع إذا لم يجتمعا على البيع من غيرهما ، فإن اجتمعا فالقياس الصحة لوجود الفائدة حينئذ ، ولم ينظروا هنا لفائدة الإعتاق كالزمن ; لأنه لم يحل بين المشتري وبين منافعه ، وهنا الموصى له لما استحق جميع منافعه على التأبيد صار حائلا بينه وبين مريد شرائه فلم يصح كما علم مما مر في ثالث شروط [ ص: 88 ] البيع والثاني يصح مطلقا لكمال الرقبة فيه .
والثالث لا يصح مطلقا لاستغراق المنفعة بحق الغير ، ولو أراد صاحب المنفعة بيعها فالظاهر صحتها من غير الوارث أيضا كما اقتضاه تعليلهم خلافا للدارمي ومن تبعه ، وإذا لم يصح بيعه إلا للموصى له فأسلم القن والموصى له والوارث كافران ، فالأوجه أنه يحال بينهما وبينه ويستكسب عند مسلم ثقة للموصى له ، ولا يجبران على بيعه لثالث ; لأنه لا يدري ما يخص كلا من الثمن ، ولا يشكل على ما تقرر من صحة بيعهما لثالث ما مر من أنهما لو باع عبديهما لثالث لم يصح وإن تراضيا لوضوح الفرق بينهما ، وهو أن كلا من القنين مثلا مقصود لذاته ، فقد يقع النزاع بينهما في التقويم لا إلى غاية ، بخلاف أحد المبيعين هنا فإنه تابع فسومح فيه ، ولو فظاهر كلام بعضهم صحة الوصية ، وعليه فيجبر على نقلها المسلم كما لو استأجر كافر مسلما عينا ، وقد يفهم كلامه عدم صحة بيع الموصى له بالمنفعة المؤبدة للوارث وهو كذلك كنظيره المار في بيع حق نحو البناء أو المرور ، ولو أوصى بمنفعة مسلم لكافر لم يعتق الحمل ; لأنه لما انفرد بالملك صار كالمستقل أو بما تحمله فأعتقها الوارث وتزوجت ولو بحر فأولادها أرقاء . أوصى بأمة لرجل وبحملها لآخر فأعتقها مالكها
كما نقله الزركشي عن بعضهم وأفتى الوالد رحمه الله تعالى ; لأن تعلق حق الموصى له بالحمل يمنع سريان العتق إليه فيبقى على ملكه ، وإن ادعى الزركشي أن الصواب انعقادهم أحرارا ، ويغرم الوارث قيمتهم ; لأنه بالإعتاق فوتهم على [ ص: 89 ] الموصى له إذ مدعاه عجيب مع قولهم الآتي بالعتق إنه لو كان الحمل لغير المعتق بوصية أو غيرها لم يعتق بعتق الأم ولو قتل الموصى بمنفعته قتلا يوجب القصاص فاقتص الوارث من قاتله انتهت الوصية كما لو مات أو انهدمت الدار وبطلت منفعتها ، فإن وجب مال بعفو أو بجناية توجبه اشترى به مثل الموصى بمنفعته ، ولو كانت الجناية من الوارث أو الموصى له ولو قطع طرفه فالأرش للوارث ; لأن الموصى به باق منتفع به ومقادير المنفعة لا تنضبط ; ولأن الأرش بدل بعض العين ، وإن جنى عمدا اقتص منه ، أو خطأ أو شبه عمد أو عفا على مال تعلق برقبته وبيع في الجناية إن لم يفدياه ، فإن زاد الثمن على الأرش اشتري بالزائد مثله ، وإن فدياه أو أحدهما أو غيرهما عاد كما كان ، وإن فدى أحدهما نصيبه فقط بيع في الجناية نصيب الآخر ( و ) الأصح ( أنه تعتبر قيمة العبد ) مثلا ( كلها ) أي مع منفعته ( من الثلث إن أوصى بمنفعته أبدا ) أو مدة مجهولة ; لأنه حال بينها وبين الوارث .
ولتعذر تقويم المنفعة بتعذر الوقوف على آخر عمره فيتعين تقويم الرقبة مع منفعتها ، فإن احتملها الثلث لزمت الوصية في الجميع وإلا ففيما يحتمله ، فلو ساوى العبد بمنافعه مائة وبدونها عشرة اعتبرت المائة كلها من الثلث ، فإن وفى بها فواضح وإلا كأن لم يف إلا بنصفها صار نصف المنفعة للوارث ، والأوجه في كيفية استيفائهما أنهما يتهايآنها والثاني وخرجه ابن سريج أنه يعتبر ما نقص من قيمته إذ لا بد أن يبقى له قيمة طمعا في إعتاقه ( وإن أوصى بها مدة ) معلومة ( قوم بمنفعة ثم ) قوم ( مسلوبها تلك المدة ويحسب الناقص من الثلث ) ; لأن الحيلولة بصدد الزوال ، فإذا ساوى بالمنفعة مائة وبدونها تلك المدة تسعين فالوصية بعشرة ، فإن وفى بها الثلث فظاهر وإلا كأن وفى بنصفها فكما مر كما هو ظاهر ، ولو فرد الأول رجعت المنفعة للوارث فيما يظهر ، ولو أعاد الدار بآلتها عاد حق الموصى له بمنافعها . أوصى بالمنفعة لواحد وبالرقبة لآخر