( من حرم عليه قبولها ) أي أخذها ; لأنه يعرضها للتلف وإن وثق بأمانة نفسه ( ومن ) عجز عن حفظها فيها حالا أو استقبالا ( كره ) له قبولها من مالكها الرشيد الجاهل بحاله حيث لم يتعين عليه قبولها . ( قدر ) على حفظها وهو أمين ( و ) لكنه ( لم يثق بأمانته )
والقول بالحرمة مردود بأنه لا يلزم من مجرد الخشية الوقوع ولا ظنه ، ومن ثم لو غلب على ظنه وقوع الخيانة منه فيها حرم عليه قبولها ، أما غير مالكها كوليه فيحرم عليه إيداع من لم يثق بأمانته وإن ظن عدم الخيانة ويحرم عليه قبولها منه .
وأما إذا علم المالك الرشيد بحاله فلا حرمة ولا كراهة في قبولها كما بحثه ابن الرفعة ، وقول الزركشي : إن الوجه تحريمه عليهما ، أما على المالك فلإضاعته ماله ، وأما على المودع فلإعانته على ذلك مردود ، إذ الشخص إذا علم من غيره أخذ ماله لينفقه أو ليدفعه لغيره لا يحرم عليه تمكينه منه ولا الآخذ إن علم رضاه ، والإيداع صحيح مع الحرمة ، وأثر التحريم مقصور على الإثم .
نعم لو كان المودع متصرفا عن غيره بولاية أو وكالة حيث يجوز له الإيداع فهي مضمونة بمجرد الأخذ قط ( فإن وثق ) بأمانة نفسه وقدر على حفظها ( استحب ) له قبولها ; لأنه من التعاون المأمور به ومحله إن لم يتعين عليه ، فإن تعين بأن لم يكن ثم غيره وجب عليه كأداء الشهادة .
قال الرافعي : وهو محمول على أصل القبول كما بينه السرخسي دون إتلاف منفعته ومنفعة حرزه في الحفظ مجانا ، وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ كما يأخذ أجرة الحرز وهو كذلك كما هو ظاهر كلام الأصحاب خلافا للفارقي ، وقد تؤخذ الأجرة على الواجب كما في سقي اللبإ وإنقاذ نحو غريق وتعليم نحو الفاتحة ، فإن لم يقبل عصى ولا ضمان ، ولو وابن أبي عصرون فالأوجه تعينها على كل . تعدد الأمناء القادرون
[ ص: 112 ] من سأله منهم عند وجوب قبولها لئلا يؤدي التواكل إلى تلفها .