( مضمن ) بأن قال لم تودعني فيمتنع قبول دعواه الرد أو التلف قبل ذلك للتناقض لا البينة بأحدهما لاحتمال نسيانه ، وقضيته عدم قبول دعواه النسيان في الأول ، وقد يوجه بأن التناقض من متكلم واحد أقبح فغلظ فيه أكثر ، بخلاف نحو قوله لا وديعة لك عندي يقبل منه الكل لعدم التناقض ، وسواء ادعى غلطا أو نسيانا لم يصدقه فيه المالك أم لا ; لأنه خيانة ( وجحودها بعد طلب المالك ) لها
نعم لو طلبها منه بحضرة ظالم وخاف عليها منه فجحدها دفعا له فلا ضمان لإحسانه بالجحد وخرج يطلب المالك ابتداء أو جوابا غيره ولو بحضرته .
أو أجاب قول المالك لي عندك وديعة لا وديعة لأحد عندي ; لأن إخفاءها أبلغ في حفظها ، ولو حبس ، والظاهر كما قاله أنكر أصل الإيداع الثابت بنحو بينة الزركشي الاكتفاء في جوابه بلا يستحق علي شيئا لتضمنه دعوى تلفها أو ردها ، وما ذكر من التفصيل .
[ ص: 132 ] في التلف والرد يجري في كل أمين إلا المرتهن والمكتري فلا يقبل قولهما في الرد ، وسيعلم مما يأتي في الدعاوى أن نحو الغاصب يصدق في دعوى التلف أيضا لئلا يتخلد حبسه ثم يغرم البدل ، وأفتى ابن عبد السلام فيمن بأنه يصرفها في أهم المصالح إن عرف وإلا سأل عارفا ويقدم الأحوج ولا يبني بها مسجدا قال عنده وديعة أيس من مالكها بعد البحث التام الأذرعي : وكلام غيره يقتضي أنه يدفعها لقاض أمين ، ولعله إنما قال ذلك لفساد الزمان ، قال كالجواهر ، وينبغي أن يعرفها كاللقطة فلعل صاحبها نسيها ، فإن لم يظهر صرفها فيما ذكر انتهى .
وينبغي أن يلحق بها فيما تقرر لقطة الحرم .
والحاصل أن هذا مال ضائع فمتى لم ييأس من مالكه أمسكه له أبدا مع التعريف أو أعطاه للقاضي فيحفظه له كذلك ، ومتى أيس منه : أي بأن يبعد عادة وجوده فيما يظهر صار من جملة أموال بيت المال كما مر في إحياء الموات فيصرفه في مصارفها من هو تحت يده ولو لبناء مسجد ، وقوله ولا يبني بها مسجدا لعله باعتبار الأفضل وأن غيره أهم ، وإلا فقد صرحوا في مال من لا وارث له بأن له بناءه أو يدفعه للإمام ما لم يكن جائرا فيما يظهر ، ولو فللآخر تحليفه ، فإن حلف سقطت دعوى الآخر ، وإن نكل حلف الآخر وغرم له الوديع القيمة ، وإن صدقهما فاليد لهما والخصومة بينهما ، وإن قال هي لأحدكما وأنسيته وكذباه في النسيان ضمن كالغاصب ، تنازع اثنان في الوديعة وادعى كل أنها ملكه فصدق الوديع أحدهما بعينه تعين المغصوب للآخر بلا يمين . والغاصب لو قال هذا لأحدكما وأنسيته فحلف لأحدهما على البت أنه لم يغصبه