( وأما ) ( فالأظهر أنها للمرتزقة ) وقضاتهم وأئمتهم ومؤذنيهم وعمالهم ، ما لم يوجد متبرع ( وهم الأجناد المرصودون ) في الديوان ( للجهاد ) لحصول النصرة بهم بعده صلى الله عليه وسلم . ( الأخماس الأربعة ) التي كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مضمومة إلى خمس الخمس
سموا بذلك ; لأنهم أرصدوا نفوسهم للذب عن الدين وطلب الرزق من ماله تعالى .
وخرج بهم المتطوعة بالغزو إذا نشطوا فيعطون من الزكاة دون الفيء عكس المرتزقة ما لم يعجز سهمهم عن كفايتهم فيكمل لهم الإمام من سهم سبيل الله ( فيضع ) ندبا كما صرح به الإمام ، وهو ظاهر كلام أبي الطيب وإن صرح جمع بالوجوب وأفهمه كلام الروضة ; لأن القصد الضبط ، وهو غير منحصر في ذلك ( الإمام ديوانا ) بكسر الدال : أي دفترا اقتداء بعمر رضي الله عنه فإنه أول من وضعه لما كثر المسلمون .
وهو فارسي معرب ، وقيل عربي ( وينصب ) ندبا ( لكل قبيلة أو جماعة عريفا ) يعرفه بأحوالهم ويجمعهم عند الحاجة
وروى أبو داود وغيره خبر { } أي ; لأن الغالب عليهم الجور فيمن تولوا عليه ( ويبحث ) الإمام وجوبا بنفسه أو نائبه ( عن حال كل واحد ) من المرتزقة ( وعياله ) وهم من تلزمه نفقتهم ( وما يكفيه فيعطيه ) ولو غنيا ( كفايتهم ) من نفقة وكسوة وسائر مؤنتهم مراعيا في ذلك الزمن والرخص والغلاء وعادة المحل والمروءة وغيرها . العرافة حق ولا بد للناس منها ، ولكن العرفاء في النار
[ ص: 140 ] لا نحو نسب وعلم ليتفرغ للجهاد ويزيد من زاد له عيال ولو زوجة رابعة ، ويعطي لأمهات أولاده وإن كثرن كما اقتضاه إطلاقهم خلافا لابن الرفعة هنا ; لأن حملهن لا اختيار له فيه ، وللأذرعي في الزوجات لانحصارهن ولعبيد خدمته الذين يحتاجهم لا لما زاد على حاجته إلا إن كان لحاجة الجهاد ، والأوجه إلحاق موطوءته بملك اليمين بعبيد الخدمة فلا يعطى إلا لمن يحتاجه لعفة أو دفع ضرر ( ويقدم ) ندبا ( في إثبات الاسم ) في الديوان ( والإعطاء قريشا ) لخبر { قريشا ولا تقدموها } ( وهم ولد قدموا النضر بن كنانة ) بن خزيمة ، وقيل ولد فهر بن مالك بن النضر ، ونقل عن أكثر أهل العلم وقيل غير ذلك ، سموا بذلك لتقرشهم : أي تجمعهم أو شدتهم ( ويقدم منهم بني هاشم ) لشرفهم بكونه صلى الله عليه وسلم منهم ( و ) بني ( المطلب ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم قرنهم بهم كما مر ، وما ذكره بعضهم من أنه أشار بالواو إلى عدم الترتيب بينهم وبين بني هاشم محل نظر ، إذ الأوجه خلافه ; لأن كلامه في الأولوية ، ومعلوم أن تقديم بني هاشم أولى ، وسيعلم من كلامه أن يقدم منهم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثم ) بني ( عبد شمس ) ; لأنه شقيق هاشم ( ثم ) بني ( نوفل ) ; لأنه أخوه لأبيه ( ثم ) بني ( عبد العزى ) ; لأن خديجة منهم ( ثم سائر البطون الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فبعد بني عبد العزى بني عبد الدار ، ثم بني زهرة بن كلاب أخوال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بني تيم ; لأن أبا بكر منهم وهكذا ( ثم ) بعد وعائشة قريش يقدم ( الأنصار ) لآثارهم الحميدة في الإسلام ، وينبغي كما أفاده الشيخ تقديم الأوس منهم ; لأن منهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم والأنصار كلهم من الأوس والخزرج ( ثم سائر العرب ) لشرفهم على غيرهم ، وظاهره تقديم الأنصار على من عدا قريشا وإن كان أقرب له صلى الله عليه وسلم واستواء جميع العرب ، لكن خالف السرخسي في الأول والماوردي في الثاني ( ثم العجم ) معتبرا فيهم النسب كالعرب ، فإن لم يجتمعوا على نسب اعتبروا ما يرونه أشرف ، فإن استوى اثنان هناك فكما يأتي ، وذلك ; لأن العرب أقرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشرف .