( و ) الأصح ( جواز ) ( نظر المرأة ) البالغة الأجنبية ( إلى بدن ) رجل ( أجنبي ) ( سوى ما بين سرته وركبته إن لم تخف فتنة ) ولا نظرت بشهوة { لنظر عائشة رضي الله عنها الحبشة يلعبون في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يراها } وفارق نظره إليها بأن بدنها عورة ولذا وجب ستره بخلاف بدنه ( قلت : الأصح التحريم كهو ) أي كنظره ( إليها ، والله أعلم ) لقوله تعالى { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } وخبر { أنه صلى الله عليه وسلم أمر ميمونة وأم سلمة وقد رآهما ينظران لابن أم مكتوم بالاحتجاب منه فقالت له أم سلمة : أليس هو أعمى لا يبصر ؟ فقال : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه } وليس في حديث عائشة أنها نظرت وجوههم وأبدانهم وإنما نظرت لعبهم وحرابهم ، ولا يلزمه تعمد نظر [ ص: 195 ] البدن وإن وقع من غير قصد صرفته حالا ، أو أن ذلك كان قبل نزول آية الحجاب ، أو أن عائشة لم تبلغ مبلغ النساء ، وقول الجلال البلقيني إن ما اقتضاه المتن من حرمة نظرها لوجهه ويديه بلا شهوة وعند أمن الفتنة لم يقل به أحد من الأصحاب رد بأن استدلالهم بما مر في قضية ابن أم مكتوم .
والجواب عن حديث عائشة صريح في أنه لا فرق ، ويرده أيضا قول ابن عبد السلام جازما به جزم المذهب يجب على الرجل سد طاقة تشرف المرأة منها على الرجال إن لم تنته بنهيه وقد علم منها تعمد النظر إليهم ، ومر ندب نظرها إليه للخطبة كهو إليها ( ونظرها إلى محرمها كعكسه ) أي كنظره إليها فتنظر منه بلا شهوة ما عدا ما بين السرة والركبة ، وعلم مما مر أنهما ملحقان بما يحل نظره .
أما الخنثى المشكل فيعامل بالأشد فيكون مع النساء رجلا ومع الرجال امرأة إذا كان في سن يحرم فيه نظر الواضح كما جزم به المصنف في باب الأحداث من المجموع ، ولا يحل لأجنبي ولا أجنبية الخلوة به ، فإن كان مملوكا لامرأة فهو معها كعبدها ، ولا ينافي ما تقرر ما في المجموع أنه يغسله بعد موته الرجال والنساء لضعف الشهوة بعد الموت بخلافها قبله .


