( قلت : ويباح ) تحملا وأداء لها وعليها كنظره للفرج ليشهد بولادة أو زنا أو عبالة أو التحام إفضاء والثدي للرضاع للحاجة ، وتعمد النظر للشهادة غير ضار وإن تيسر وجود نساء أو محارم يشهدون فيما يظهر ، ويفرق بينه وبين ما مر في المعالجة بأن النساء ناقصات وقد لا يقبلن والمحارم قد لا يشهدون ، وأيضا فقد وسعوا هنا اعتناء بالشهادة والنظر لغير ذلك عمدا غير مفسق خلافا ( النظر ) للوجه فقط ( لمعاملة ) كبيع وشراء ليرجع بالعهدة ويطالب بالثمن مثلا ( أو شهادة ) للماوردي ; لأنه صغيرة وتكلف الكشف للتحمل والأداء ، فإن امتنعت أمرت امرأة أو نحوها بكشفها ، قال السبكي : وعند نكاحها لا بد أن يعرفها الشاهدان بالنسب أو بكشف وجهها ; لأن التحمل عند النكاح منزل منزلة الأداء ا هـ .
ولو عرفها الشاهد في النقاب لم يحتج للكشف فعليه يحرم الكشف حينئذ إذ لا حاجة إليه ، ومتى خشي فتنة أو شهوة لم ينظر إلا إن تعين .
قال السبكي : ومع ذلك يأثم بالشهوة وإن أثيب على التحمل ; لأنه فعل ذو وجهين ، لكن خالفه غيره فبحث الحل مطلقا ; لأن الشهوة أمر طبعي لا ينفك عن النظر فلا يكلف الشاهد بإزالتها ولا يؤاخذ بها كما لا يؤاخذ الزوج بميل قلبه لبعض نسوته والحاكم بميل قلبه لبعض الخصوم ، والأوجه حمل الأول على ما هو باختياره ، والثاني على خلافه ، وما بحثه الزركشي من كون [ ص: 199 ] حل نظر الشاهد مفرعا على المذهب وهو عدم الاكتفاء بتعريف عدل .
أما ما عليه العمل كما يأتي في الشهادة فلا شك في امتناعه فيه نظر .
لأنا وإن قلنا به النظر أحوط وأولى ، وكفى بذلك حاجة مجوزة له ( وتعليم ) لأمرد وأنثى وقول الشارح وهو أي التعليم للأمرد خاصة تبع فيه السبكي ، والمعتمد أن جوازه غير مقصور عليه ولا على ما يجب تعليمه كما مر ، وسيعلم مما صرح به في الصداق ، ومحل جواز ذلك عند فقد جنس ومحرم صالح وتعذره من وراء حجاب ووجود مانع خلوة أخذا مما مر في العلاج ، ولا ينافي ذلك ما سيأتي في الصداق من تعذر تعليمه بعد الطلاق ; لأن تعليم المطلق يمتد معه الطمع لسبق مقرب الألفة فاشتدت الوحشة بينهما لتعلق آمال كل منهما بصاحبه بخلاف الأجنبي ، وعليه فلا بد من تلك الشروط هنا أيضا ، والأوجه عدم اعتبارها في الأمرد كما عليه الإجماع الفعلي ، ويتجه اشتراط العدالة فيهما كالمملوك بل أولى ( ونحوها ) كأمة يريد شراءها فينظر ما عدا عورتها وحاكم يحكم لها كما قاله الأذرعي أو عليها أو بحلفها كما قاله الجرجاني ، وإنما يجوز النظر في جميع ما مر ( بقدر الحاجة ) ( والله أعلم ) .
فلا يجوز أن يجاوز ما يحتاج إليه ; لأن ما حل لضرورة يقدر بقدرها ، ومن ثم قال الماوردي : لو عرفها الشاهد بنظرة لم تجز ثانية أو برؤية بعض وجهها لم تجز رؤية كله ، وما في البحر عن جمهور الفقهاء أنه يستوعبه مبني على القول بحل نظر وجهها حيث لا فتنة ولا شهوة ، وقد مر أن الأصح خلافه ، وكل ما حل له نظره منها للحاجة يحل لها منه نظره للحاجة أيضا كالمعاملة وغيرها مما مر .