( وليس له ) ( تزويج ثيب ) عاقلة وإن عادت بكارتها كما صرح به أبو خلف الطبري في شرح المفتاح ( إلا بإذنها ) لخبر مسلم " الثيب أحق بنفسها من وليها " ووجهه أنه لما مارست الرجال زالت غباوتها وعرفت ما يضرها وما ينفعها منهم بخلاف البكر ( فإن كانت ) الثيب ( صغيرة ) عاقلة حرة ( لم تزوج حتى تبلغ ) لوجوب إذنها وهو متعذر مع صغرها ، أما المجنونة فتزوج كما يأتي ، وأما القنة فيزوجها السيد مطلقا ( والجد ) أبو الأب وإن علا ( كالأب عند عدمه ) ، أو عدم أهليته لأن له ولادة عصوبة كالأب بل أولى ، ومن ثم اختص بتولي الطرفين ووكيل كل مثله لكن الجد يوكل فيهما وكيلين فالوكيل الواحد يتولى طرفا فقط ( وسواء ) في وجود الثيوبة المقتضية لاعتبار إذنها ( زالت البكارة بوطء [ ص: 230 ] حلال أو حرام ) ، أو شبهة وإن عادت وإن كان الوطء حالة النوم ، أو نحوه لأنها في ذلك تسمى ثيبا فيشملها الخبر ، وإيراد الشبهة عليه لقولهم إن وطأها لا يوصف بحل ولا حرمة غير صحيح لأن معناه بأن الواطئ معها كالغافل في عدم التكليف فلا يوصف فعله بذلك من هذه الحيثية وإن وصف بالحل في ذاته لعدم الإثم فيه ، وقولهم لا يخلو فعل من الأحكام الخمسة ، أو الستة محله في فعل المكلف
( ولا أثر لزوالها بلا وطء كسقطة ) وحدة حيض وأصبح ( في الأصح ) خلافا لشرح مسلم ولا لوطئها في الدبر لعدم ممارستها للرجال بالوطء في محل البكارة وهي على غباوتها وحيائها ، وقضيته أن الغوراء لو وطئت في فرجها ثيب وإن بقيت البكارة والأرجح خلافه بل هي كسائر الأبكار كنظيره الآتي في التحليل ، وإن فرق بعضهم بينهما بأنه إنما اشترط زوالها ثم مبالغة في التنفير عما شرع التحليل لأجله من الطلاق الثلاث ، ولا كذلك هنا لأن المدار على زوال الحياء بالوطء وهو هنا كذلك ، أما لو زالت بذكر حيوان غير آدمي كقرد فالأوجه أنها كالثيب : ولو خلقت بلا بكارة فحكمها حكم الأبكار كما حكاه في زيادة الروضة عن الصيمري وأقره ، وتصدق المكلفة في دعوى البكارة ولو فاسقة بلا يمين كما قاله ابن المقري ، وبيمينها فيما يظهر في دعوى الثيوبة قبل العقد وإن لم تتزوج ولا تسأل عن الوطء ، فإن ادعت الثيوبة بعد العقد وقد زوجها وليها من غير إذنها نطقا فهو المصدق بيمينه لما في تصديقها من إبطال النكاح ، بل لو شهدت أربع نسوة بثيوبتها عند العقد لم يبطل لجواز إزالتها بنحو أصبع ، أو أنها خلقت بدونها كما ذكره الماوردي والروياني وإن أفتى القاضي بخلافه .
( ومن على حاشية النسب كأخ ، أو عم ) لأبوين ، أو أب وابن كل منهما ( لا يزوج صغيرة ) ولو مجنونة ( بحال ) أما الثيب فظاهر ، وأما البكر فللخبر المار وليسوا في معنى الأب لوفور شفقته ( وتزوج الثيب ) العاقلة ( البالغة ) الخرساء بإشارتها المفهمة ، أو بكتابتها كما بحثه الأذرعي وهو ظاهر إن نوت به الإذن ، كما قالوه في أن كتابة الأخرس بالطلاق كناية على الصحيح ، فلو لم تكن إشارة مفهمة ولا كتابة فالوجه أنها كالمجنونة فيزوجها الأب ثم الجد ثم الحاكم دون غيرهم ، أما الناطقة العاقلة فتزوج ( بصريح الإذن ) ولو بلفظ الوكالة [ ص: 231 ] للأب أو غيره ، أو بقولها أذنت له في أن يعقد لي وإن لم تذكر نكاحا كما بحثه بعضهم ، ويؤيده قولهم يكفي قولها رضيت بمن يرضاه أبي ، أو أمي ، أو بما يفعله أبي وهم في ذكر النكاح لا إن رضيت أمي أو بما تفعله مطلقا ولا إن رضي أبي إلا أن تريد به بما يفعله فلا يكفي سكوتها لخبر مسلم المار وصح خبر { ليس للولي مع الثيب أمر } ويعلم مما يأتي آخر الفصل الآتي أن قولها رضيت أن أزوج ، أو رضيت فلانا زوجا متضمن للإذن للولي ، فله أن يزوجها به بلا تجديد استئذان ، ويشترط عدم رجوعها عنه قبل كمال العقد ، لكن لا يقبل قولها فيه إلا ببينة .
قال الإسنوي وغيره : ولو أذنت له ثم عزل نفسه لم ينعزل كما اقتضاه كلامهم لأن ولايته بالنص فلم يؤثر فيها عزله لنفسه ، وتقييد بعضهم له بما إذا كان قبل الإذن وإلا كان رده ، أو عضله إبطالا له فلا يزوجها إلا بإذن جديد فيه نظر لما ذكرناه ( ويكفي في البكر ) البالغة العاقلة إذا استؤذنت وإن لم يعلم الزوج ( سكوتها ) الذي لم يقترن بنحو بكاء مع صياح ، أو ضرب خد للمجبر قطعا ولغيره بالنسبة للنكاح ولو لغير كفء وإن ظنته كفئا كما شمله كلامه لا لدون مهر المثل أو كونه من غير نقد البلد ( في الأصح ) لخبر مسلم السابق ولقوة حيائها .
والثاني لا بد من النطق كما في الثيب ، وكسكوتها قولها لم لا يجوز إن أذن جوابا لقوله أيجوز أن أزوجك ، أو تأذنين ، أما إذا لم تستأذن وإنما زوج بحضرتها فلا يكفي سكوتها : وأفتى البغوي بأنها لو أذنت مخبرة ببلوغها فزوجت ثم قالت لم أكن بالغة حين أقررت صدقت بيمينها ، وفيه نظر إذ كيف يبطل النكاح بمجرد قولها السابق منها نقيضه لا سيما مع عدم إبدائها عذرا في ذلك .


