( فصريحه الطلاق ) [ ص: 426 ] أي ما اشتق منه إجماعا ( وكذا ) الخلع والمفاداة وما اشتق منهما على ما مر في الباب السابق وكذا ( الفراق والسراح ) بفتح السين : أي ما اشتق منهما ( على المشهور ) لاشتهارهما في معنى الطلاق وورودهما في القرآن مع تكرر الفراق فيه وإلحاق ما لم يتكرر منها بما تكرر وما لم يرد من المشتقات بما ورد لأنه بمعناه . والثاني أنهما كنايتان لأنهما لم يشتهرا اشتهار الطلاق ويستعملان فيه وفي غيره وما في الاستذكار من أن محل هذين فيمن عرف صراحتهما ، أما من لم يعرف إلا الطلاق فهو الصريح في حقه فقط ، وقول الأذرعي إنه ظاهر لا يتجه غيره إذا علم أن ذاك مما يخفى عليه واضح في نحو أعجمي لا يدري مدلول ذلك ولا يخالط أهله مدة يظن بها كذبه ، وإلا فجهله بالصراحة لا يؤثر فيها لما يأتي أن الجهل بالحكم لا يؤثر وإن عذر به ، وذكر الماوردي أن العبرة في الكفارة بالصريح والكناية عندهم لا عندنا ، لأنا نعتبر اعتقادهم في عقودهم فكذا في طلاقهم ، ومحله إن لم يترافعوا إلينا كما مر ، وللفظ الطلاق وما اشتق منه أمثلة يأتي نظائرها في البقية ( ك طلقتك ) وطلقت منه بعد أن قيل له طلقها ومنها بعد طلقي نفسك ( وأنت طوالق ) لكنه صريح في طلقة واحدة فقط وأنت ( طالق ) وإن قال ثلاثا على سائر المذاهب فيقعن وفاقا لابن الصباغ وغيره وخلافا ، ولا نظر لكونه يقع على سائر المذاهب لأن منها من يمنع وقوع الطلاق الثلاث جملة لأن قائليه يريدون به سوى المبالغة في الإيقاع ، ومن ثم لو قصد أحد التعليق [ ص: 427 ] عليها قبل منه كما يأتي ( ومطلقة ) بتشديد اللام ومفارقة ومسرحة ( ويا طالق ) لمن ليس اسمها ذلك لما سيذكره ويا مسرحة ويا مفارقة وأوقعت عليك طلقة أو الطلاق فيما يظهر وعلي الطلاق خلافا لجمع كما أفتى به للقاضي أبي الطيب الوالد رحمه الله تعالى ، وكذا الطلاق يلزمني إذا خلا عن التعليق كما رجع إليه آخرا في فتاويه أو طلاقك لازم لي أو واجب علي لا أفعل كذا لا فرض علي على الأرجح ولا والطلاق ما أفعل أو ما فعلت كذا فهو لغو حيث لا نية ، ولا جمع [ ص: 428 ] بين ألفاظ الصريح الثلاثة بنية التأكيد لم يتكرر .
وكذا في الكناية كما رجحه الزركشي ، وما في الروضة عن من خلافه يحمل على ما إذا نوى الاستئناف أو أطلق ، ولو قال أنت مطلقة بكسر اللام من طلق بالتشديد كان كناية طلاق في حق النحوي وغيره كما أفتى به شريح الوالد رحمه الله تعالى لأن الزوج محل التطليق وقد أضافه إلى غير محله فلا بد في وقوعه من صرفه بالنية إلى محله فصار كما لو ( و ) أنت ( الطلاق في الأصح ) بل هما كنايتان كإن فعلت كذا ففيه طلاقك ، أو فهو طلاقك كما هو ظاهر لأن المصدر لا يستعمل في العين إلا توسعا والثاني أنهما صريحان كقوله يا طال أو أنت طال ترخيم طالق شذوذا من وجوه واعتماد صراحته مردود بأنه يصلح ترخيما لطالب وطالع ولا يخصص إلا النية وكذا أنت طلقة أو نصف طلقة أو أنت وطلقة أو مع طلقة أو فيها ولك طلقة أو الطلاق . قال أنا منك طالق ( لا أنت طلاق )
وعلم مما تقرر أن الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى لا يضر كهو بالإعراب ، ومنه ما لو خاطب زوجته بقوله أنتم أو أنتما طالق وأن تقول له طلقني فيقول هي مطلقة فلا تقبل إرادة غيرها لأن تقدم سؤالها يصرف اللفظ إليها ، ومن ثم لو لم يتقدم لها ذكر رجع لنيته في نحو أنت طالق وهي غائبة وهي طالق وهي حاضرة ، وقول البغوي : لو كان إقرارا بالطلاق نظر فيه قال ما كدت أن أطلقك الغزي بأن النفي الداخل على كاد لا يثبته على الأصح ، إلا أن يقال وآخذناه للعرف .
قال الأشموني : المعنى ما قاربت أن أطلقك ، وإذا لم يقارب طلاقها كيف يكون مقرا به ، وإنما يكون إقرارا بالطلاق على قول من يقول إن نفيها إثبات وهو باطل ا هـ .
واعلم أن أفعال المقاربة وضعت لدنو الخبر محصولا ، فإذا حصل عليه النفي قيل معناه الإثبات مطلقا وقيل ماضيا والصحيح أنه كسائر الأفعال ، ولا ينافي قوله { وما كادوا يفعلون } قوله فذبحوها لاختلاف وقتيهما إذ المعنى أنهم ما كادوا أن يفعلوا حتى انتهت موالاتهم وانقطعت تعللاتهم ففعلوا كالمضطر الملجإ إلى الفعل .