[ ص: 466 ] فصل في الاستثناء
( يصح ) لوقوعه في الكتاب والسنة وكلام الاستثناء العرب ، وهو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها تحقيقا أو تقديرا ، والأول المتصل ، والثاني المنقطع ، ولا دخل لها هنا بل إطلاق الاستثناء عليه مجاز ، ومثل الاستثناء بل يسمى استثناء شرعيا التعليق بالمشيئة وغيرها من سائر التعليقات فكل ما يأتي من الشروط ما عدا الاستغراق عام في النوعين ( بشرط اتصاله ) بالمستثنى منه عرفا بحيث يعد كلاما واحدا ، واحتج له الأصوليون بإجماع أهل اللغة ولعلهم لم يعتدوا بخلاف لشذوذه بفرض صحته عنه ( ولا يضر ) في الاتصال ( سكتة تنفس وعي ) ونحوهما كعروض عطاس أو سعال والسكوت للتذكر كما قالاه في الأيمان ولا ينافيه اشتراط قصده قبل الفراغ لأنه قد يقصده إجمالا ثم يتذكر العدد الذي يستثنيه ، وذلك لأن ما ذكر يسير لا يعد فاصلا عرفا ، بخلاف الكلام الأجنبي وإن قل لا ما له به تعلق وقد قل أخذا من قولهم : لو ابن عباس إن شاء الله صح الاستثناء ، وعلم بذلك ما صرحوا به ، وهو أن الاتصال هنا أبلغ منه بين إيجاب نحو البيع وقبوله ، ودعوى أن ما تقرر يقتضي كونه مثله ممنوع بل لو سكت ثم عبث عبثا يسيرا عرفا لم يضر وإن زاد على نحو سكتة التنفس بخلاف هنا ، لأنه يحتمل بين كلام اثنين ما لا يحتمل بين كلام واحد . قال أنت طالق ثلاثا يا زانية
( قلت : ويشترط أن ينوي الاستثناء ) وألحق به ما في معناه كأنت طالق بعد موتي كما علم مما قدمناه ( قبل فراغ اليمين في الأصح ، والله أعلم ) لأنه رافع لبعض ما سبق فاحتيج قصده للرفع ، بخلافه بعد فراغ لفظ اليمين إجماعا على ما حكاه جمع ، بخلاف ما لو اقترنت بكله ولا خلاف فيه ، أو بأوله فقط أو آخره فقط أو أثنائه فقط فيصح كما شمل ذلك كلام المصنف هنا ، ويتجه أن يأتي في الاقتران هنا بأنت من أنت طالق ثلاثا إلا واحدة أو إن دخلت ما مر في اقترانها بأنت من أنت بائن ، وإنما لم يجر الخلاف المار في نية الكناية هنا لإمكان الفرق بأن الاستثناء صريح في الرفع فكفى فيه أدنى إشعار ، بخلاف الكناية فإنها لضعف دلالتها على الوقوع تحتاج إلى مؤكد أقوى وهو اقتران النية بكل اللفظ على ما مر ، لكن ما نقلاه عن المتولي وأقراه فيمن قال أنت طالق ونوى إن دخلت الدار أنه إن نوى ذلك أثناء الكلمة فوجهان كما في نية الكناية [ ص: 467 ] يقتضي مجيء ما مر في الكناية هنا ، لكنه يشكل على صنيع المنهاج حيث صرح ثم باقتران نيتها بكل اللفظ وهنا باكتفاء مقارنة النية لبعضه ، ولا مخلص عن ذلك إلا بما فرقنا به ، وإنما ألحق ما ذكرا بالكناية لأن الرفع فيه بمجرد النية مثلها بخلاف ما هنا .
( ويشترط ) أيضا أن يعرف معناه ولو بوجه ، وأن يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إن اعتدل سمعه ولا عارض وإلا لم يقبل ، وأن لا يجمع مفرق ولا يفرق مجتمع في مستثنى أو مستثنى منه أو فيهما لأجل الاستغراق أو عدمه و ( عدم استغراقه ) فالمستغرق ك ثلاثا إلا ثلاثا باطل بالإجماع فيقع الثلاث ، ولو قال أنت طالق ثلاثا إلا نصف إلا ثلث إلا ربع إلا سدس إلا ثمن طلقة فثلاث وإن قصد الاستثناء بشرطه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأن الطلاق لا يتبعض ، إذ المعنى أنت طالق ثلاثا إلا نصف طلقة فلا يقع إلا ثلث طلقة فيقع إلا ربع طلقة فلا يقع إلا سدس طلقة فيقع إلا ثمن طلقة فلا يقع .