بقوله أسقطت حقي منها لا وهبت مريدا به التملك ( قبل القسمة ) واختيار التملك ; لأنه به تحقق الإخلاص المقصود من الجهاد لكون كلمة الله هي العليا ، والمفلس لا يلزمه الاكتساب باختيار التملك ، وخرج بحر القن فلا يصح إعراضه وإن كان رشيدا ; لأن الحق فيما غنمه لسيده فالإعراض له . ( ولغانم ) حر ( رشيد ولو ) هو ( محجور عليه بفلس الإعراض عن الغنيمة )
نعم إن كان مكاتبا أو مأذونا له في التجارة ، وقد أحاطت به الديون فلا يظهر صحة إعراضه في حقهما ، فإن أذن له فيه صح على الأصح ، ولو أوصى بإعتاق عبده وهو يخرج من الثلث فاستحق الرضخ صح إعراضه عنه كما قاله البلقيني .
وأما المبعض فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فالاعتبار بمن وقع الاستحقاق في نوبته بناء على الأصح وهو دخول النادر في المهايأة ، وإلا فيصح إعراضه عن المختص به دون المختص بالمالك ، وخرج برشيد المحجور عليه بسفه فلا يصح إعراضه للحجر عليه ، والصبي عن الرضخ لإلغاء عبارته ، والمجنون والسكران غير المتعدي ، نعم يجوز ممن كمل قبل القسمة ، وإنما صح عفو السفيه عن القود ; لأنه الواجب عينا فلا مال ثم بحال ، وهنا ثبت له اختيار التملك وهو حق مالي فامتنع منه إسقاطه لانتفاء أهليته لذلك ، فاندفع اعتماد جمع متأخرين صحة إعراضه زاعمين أن ما ذكره مبني على ضعيف ، أما بعد القسمة وقبولها [ ص: 76 ] فيمتنع لاستقرار الملك ، وكذا بعد اختيار التملك ( والأصح جوازه ) أي الإعراض لمن ذكر ( بعد فرز الخمس ) وقبل قسمة الأخماس الأربعة ; لأن إفرازه لا يتغير به حق كل منهم ، والثاني منعه لتميز حق الغانمين ( و ) الأصح ( جوازه لجميعهم ) أي الغانمين ، ويصرف حقهم مصرف الخمس ، والثاني منع ذلك ( و ) الأصح ( بطلانه من ذوي القربى ) وإن انحصروا في واحد ; لأنهم لا يستحقونه بعمل فكان كالإرث ، والثاني صحته منها كالغانمين وأحدهم ، وخصهم لأن بقية مستحقي الخمس جهات عامة لا يتصور فيها إعراض ( و ) من ( سالب مال ) ; لأنه يملك السلب قهرا ، ويقسم بين الباقين وأهل الخمس . ( والمعرض ) عن حقه ( كمن لم يحضر ) فيضم نصيبه للغنيمة
ويؤخذ من التشبيه أنه لا يعود حقه لو رجع عن الإعراض مطلقا ، وهو ظاهر كموصى له له رد الوصية بعد الموت وقبل القبول ، وليس له الرجوع فيها كما مر .
وأما ما بحثه بعض الشراح من عود حقه برجوعه قبل القسمة لا بعدها تنزيلا لإعراضه منزلة الهبة وللقسمة منزلة قبضها ، كما لو أعرض مالك كسرة عنها له العود لأخذها فبعيد ، وقياسه غير مسلم .
إذ الإعراض عنها ليس هبة ولا منزلا منزلتها ; لأن المعرض عنه هنا حق تملك لا غير ، ومن ثم جاز من نحو مفلس كما مر ، ولأن الإعراض عن الكسرة يصيرها مباحة لا مملوكة ولا مستحقة للغير فجاز للمعرض أخذها والإعراض عنها ينقل الحق للغير فلم يجز له الرجوع فيه