( فصل ) في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها لو ( لم يحنث ) لأن الأصل براءة ذمته من الكفارة والورع أن يكفر . ( حلف لا يأكل هذه الثمرة فاختلطت بتمر فأكله إلا تمرة ) أو بعضها وشك هل هي المحلوف عليها أو غيرها
فإن أكل الكل حنث لكن من آخر جزء أكله فيعتد في حلفه بطلاق من حينئذ لأنه المتيقن ( أو ) حلف ( ليأكلنها فاختلطت ) بتمر وانبهمت ( لم يبر إلا بالجميع ) [ ص: 204 ] أي أكله لاحتمال كون المتروكة هي المحلوف عليها فاشترط تيقن أكلها ، ومن ثم لو اختلطت بجانب من الصبرة أو مما هو بلونها وغيره وقد حلف لا يأكلها لم يحنث لا بأكله مما في جانب الاختلاط وما هو بلونها فقط ( أو ليأكلن هذه الرمانة فإنما يبر بجميع حبها ) أي أكله لتعلق اليمين بالكل ، ولهذا لو قال لا آكلها فترك حبة لم يحنث ، ومر في فتات خبز يدق مدركه أنه لا عبرة به فيحتمل مجيء مثله في حبة رمانة يدق مدركها ويحتمل خلافه ، ويفرق بأن من شأن الحبة أنه لا يدق إدراكها بخلاف فتات الخبز ، ومن ثم كان الأوجه في بعض الحبة التفصيل كفتات الخبز أو لا يلبس هذا الثوب فسل منه خيطا لم يحنث ، وفارق لا أساكنك في هذه الدار فانهدم بعضها وساكنه في الباقي بأن المدار هنا على صدق المساكنة ولو في جزء من الدار وثم على لبس الجميع ولم يوجد ، ولو ذلك حنث ، أو لا أكلم هذا فقطع أكثر بدنه فكذلك إذ القصد هنا النفس وهي موجودة ما بقي المسمى ، ولا كذلك اللبس لأن المدار فيه على ملابسة البدن لجميع أجزائه ، ولهذا لو حلف لا أركب هذا الحمار أو السفينة فقطع منه جزء وقلع منها لوح مثلا ثم ركب لم يحنث كما مر ( أو لا يلبس هذين لم يحنث بأحدهما ) لأن الحلف عليهما ( فإن لبسهما معا أو مرتبا حنث ) لوجود لبسهما ( أو لا يلبس هذا ولا هذا حنث بأحدهما ) لأنهما يمينان حتى لو حنث في أحدهما بقيت اليمين منعقدة على الآخر ، فإن وجد وجبت كفارة أخرى لأن العطف مع تكرر لا يقتضي ذلك ، فإن أسقط لا كأن قال لا آكل هذا وهذا ، أو لآكلن هذا وهذا [ ص: 205 ] أو اللحم والعنب تعلق الحنث في الأولى والبر في الثانية بهما ، وما تقرر من أن الإثبات كالنفي الذي لم يعد معه حرفه هو الظاهر كما قاله حلف لا يلبس هذا الثوب فسل منه خيطا البارزي ، وما نقله في الروضة عن المتولي من أنه كالمنفي المعاد معه حرفه حتى تتعدد اليمين لوجود حرف العطف فيه توقف فيه ، ثم قال : ولو أوجب حرف العطف تعدد اليمين في الإثبات لأوجبه في النفي : أي غير المعاد معه حرفه انتهى .
والمعتمد الأول من أنه يمين واحدة بناء على الصحيح عند النحويين أن العامل في الثاني هو العامل في الأول بتقوية حرف العطف ، وكلام المتولي مبني على المرجوح عندهم أن العامل في الثاني فعل مقدر ولو عطف بالفاء أو بثم عمل بقضية كل من ترتيب بمهملة أو عدمها سواء أكان نحويا أم لا كما هو مقتضى إطلاقه .