( وللإمام ) أي يجوز له ( عزل ) لا يقتضي انعزاله ككثرة الشكاوى منه أو ظن أنه ضعيف أو زالت هيبته في القلوب وذلك لما فيه من الاحتياط ، أما ظهور ما يقتضي انعزاله وثبت ذلك فيعزل به ولم يحتج لعزل وإن ظن بقرائن فيحتمل أنه كالأول ، ويحتمل فيه ندب عزله وإطلاق ( قاض ) لم يتعين ( ظهر منه خلل ) ابن عبد السلام وجوب صرفه عند كثرة الشكاوى منه اختيار له ( أو ) فله عزله من غير قيد كما يأتي في المثل رعاية للأصلح للمسلمين ، ولا يجب وإن قلنا إن ولاية المفضول غير منعقدة مع وجود الفاضل لأن الغرض حدوث الأفضل بعد الولاية فلم يقدح فيها ( أو ) هناك ( مثله ) أو دونه ( وفي عزله به مصلحة كتسكين فتنة ) لما فيه من المصلحة للمسلمين ( وإلا ) بأن لم يكن فيه مصلحة ( فلا ) يجوز عزله به لأنه عبث وتصرف الإمام يصان عنه ، واستغنى بذكر المصلحة عن قول أصله هنا ، وليس في عزله فتنة لأنه لا تتم المصلحة إلا إذا انتفت الفتنة ، وبه يندفع قول من زعم أنه لا يغني عنه فقد يكون الشيء مصلحة من وجه ومفسدة من جهة أخرى ( لكن ينفذ العزل في الأصح ) مع إثم المولي والمتولي بذلا لطاعة السلطان ، والثاني لا ، لأنه لا خلل في الأول ولا مصلحة في عزله ، أما إذا تعين بأن لم يكن ثم من يصلح للقضاء غيره فإنه ليس له عزله ، ولو عزله لم ينعزل ، وسكت هنا عن انعزاله بعزل نفسه ، والأصح أن له ذلك كالوكيل هذا في الأمر العام ، أما الوظائف الخاصة كإمامة وأذان وتصوف وتدريس وطلب ونظر ونحوها فلا تنعزل أربابها بالعزل من غير سبب . ( لم يظهر ) منه خلل ( وهناك أفضل منه )
كما أفتى به جمع متأخرون وهو المعتمد ، ومحل ذلك حيث لم يكن في شرط الواقف ما يقتضي خلاف ذلك ( والمذهب أنه لا ينعزل قبل بلوغه خبر عزله ) لعظم الضرر بنقض وفساد التصرفات ، نعم لو علم الخصم أنه معزول لم ينفذ حكمه له لعلمه أنه غير حاكم باطنا ذكره الماوردي ، فإن رضيا بحكمه كان كالتحكيم بشرطه ، هذا والأوجه خلافه إذا لا يخرجه عن كونه قاضيا ولم [ ص: 246 ] يتعرضوا لما يحصل به بلوغ خبر العزل ، وينبغي إلحاق ذلك بخبر التولية بل أولى حتى يعتبر فيه شاهدان وتغني الاستفاضة ، والطريق الثاني حكاية قولين كالوكالة ، ومر الفرق في باب الوكالة ، ولو بلغ الخبر المستنيب دون النائب أو بالعكس انعزل من بلغه ذلك دون غيره خلافا علم الخصم بعزل القاضي للبلقيني ، ويتجه أن العبرة في بلوغ خبر العزل للنائب بمذهبه لا بمذهب مستنيبه . ( وإذا انعزل ) لوجود الصفة ، وكذا لو طالعه وفهم ما فيه وإن لم يتلفظ به ( وكذا إن قرئ عليه في الأصح ) لأن القصد إعلامه بالعزل لا قراءته بنفسه سواء كان قارئا أم أميا ، والثاني لا ينعزل وهو المصحح في الطلاق ، وفرق الأول بأن المرعي ثم النظر إلى الصفات وهنا إلى الإعلام ، والظاهر أنه يكفي هنا قراءة محل العزل فقط لا جميع الكتاب ، ولا يأتي فيه الخلاف المار في الطلاق فيما إذا انمحى بعضه أو انمحق . ( كتب الإمام إليه إذا قرأت كتابي فأنت معزول فقرأه كبيع مال ) ميت أو غائب وسماع شهادة في حادثة معينة كالوكيل ( والأصح انعزال نائبه المطلق إن لم يؤذن له في الاستخلاف ) لأن الغرض من الاستخلاف المعاونة وقد زالت ولايته فبطلت المعاونة ( أو ) وينعزل بموته وانعزاله من إذن له في شغل معين لما ذكر ( أو أطلق ) لظهور غرض المعاونة وبطلانها ببطلان ولايته ، وفارق ما مر في نظيره من الوكالة بأن الغرض ثم ليس معاونة الوكيل بل النظر في حق الموكل فحمل الإطلاق على إرادته ، نعم إن عين له الخليفة كان قاطعا لنظره فيكون كما في قوله ( فإن قيل ) أي قال له موليه ( استخلف عني فلا ) ينعزل الخليفة لأنه ليس نائبه . ( قيل ) له ( استخلف عن نفسك )