سواء أكان صاحب المسألة أم المرسول إليه ( كشاهد ) في كل ما يشترط فيه أما من نصب للحكم بالتعديل والجرح فشرطه كقاض ومحله ما لم يكن في واقعة خاصة وإلا فكما مر في الاستخلاف ( مع معرفته ) أي المزكي لكل من ( الجرح والتعديل ) وأسبابهما لئلا يجرح عدلا ويزكي فاسقا ومثله في ذلك الشاهد بالرشد نعم أفتى ( وشرطه ) أي المزكي الوالد رحمه الله تعالى بأنه يكفيه أن يشهد بأنه صالح لدينه ودنياه ، ويتجه حمله على عارف بصلاحهما الذي يحصل به الرشد في مذهبه ، وما اعترض به من أنه سيأتي في الشهادات ما يعلم منه أنه لا يكتفي بذلك الإطلاق ولو من موافق للقاضي في مذهبه ، لأن وظيفة الشاهد التفصيل لا الإجمال لينظر فيه القاضي غير صحيح لأن حقيقة الإطلاق أن يشهد بمطلق الرشد . أما مع قوله إنه صالح لدينه ودنياه فإنه تفصيل لا إطلاق ( و ) مع معرفته ( خبرة ) المرسول إليه أيضا إما بحقيقة ( باطن من يعدله لصحبة أو جوار ) [ ص: 266 ] بكسر أوله أفصح من ضمه ( أو معاملة ) فقد شهد عند عمر اثنان فقال لهما لا أعرفكما ، ولا يضركما أني لا أعرفكما ائتيا بمن يعرفكما ، فأتيا برجل ، فقال له عمر : كيف تعرفهما ؟ قال : بالصلاح والأمانة ، قال : هل كنت جارا لهما تعرف صباحهما ومساءهما ومدخلهما ومخرجهما ؟ قال لا ؟ قال : هل عاملتهما بهذه الدراهم والدنانير التي تعرف بهما أمانات الرجال ؟ قال لا ، قال : هل صاحبتهما في السفر الذي يسفر عن أخلاق الرجال ، قال لا ؟ قال : فأنت لا تعرفهما ، ائتيا بمن يعرفكما ويقبل قولهم في خبرتهم بذلك . والمعنى فيه أن أسباب الفسق خفية غالبا فلا بد من معرفة المزكي حال من يزكيه ، وهذا كما في الشهادة بالإفلاس . وعلم مما تقرر عدم الاكتفاء بمعرفته الأوصاف الثلاثة من مدة قريبة كنحو شهرين ، ويغني عن خبرة ذلك استفاضة عدالته عنده ممن يخبر باطنه وألحق ابن الرفعة بذلك ما لو تكرر ذلك على سمعه مرة بعد أخرى بحيث يخرج عن حد التواطؤ ، وخرج بمن يعدله من يجرحه فلا يشترط خبرة باطنه لاشتراط تفسير الجرح