( ) ثلاثة ، وهي الآتية لأن المقسوم إن تساوت الأنصباء منه صورة وقيمة فهو الأول ، وإلا فإن لم يحتج إلى رد شيء آخر فالثاني وإلا فالثالث ( أحدها بالأجزاء ) وتسمى قسمة المتشابهات وقسمة الأجزاء ( كمثلي ) متفق النوع فيما يظهر ، ومر بيانه في الغصب ، ومنه نقد ولو مغشوشا لجواز المعاملة به ، وأما إذا اختلف النوع فيجب عند عدم الرضا قسمة كل نوع وحده ( ودار متفقة الأبنية ) بأن يكون ما بشرقيها من بيت وصفة كما بغربيها ( وأرض مشتبهة الأجزاء ) ونحوها ككرباس لا ينقص بالقطع ( فيجبر الممتنع ) عليها استوت الأنصباء أم لا للتخلص من سوء المشاركة مع عدم الضرر ، نعم لا إجبار في قسمة زرع قبل اشتداده لعدم كمال انضباطه ، [ ص: 287 ] فإن اشتد ولم ير أو كان إلى الآن بذرا لم تصح قسمته للجهل به ( فتعدل ) أي تساوى ( السهام ) أي عند عدم التراضي أو حيث كان في الشركاء محجور عليه كما يعلم مما يأتي ( كيلا ) في المكيل ( أو وزنا ) في الموزون ( أو ذرعا ) في المذروع أو عدا في المعدود ( بعدد الأنصباء إن استوت ) فإن كانت بين ثلاثة أثلاثا جعلت ثلاثة أجزاء ويؤخذ ثلاثة رقاع متساوية ( ويكتب ) هنا وفيما يأتي من بقية الأنواع ( في كل رقعة ) إما ( اسم شريك ) إن كتب أسماء الشركاء ليخرج على السهام ( أو جزء ) بالرفع كما يصرح به عبارة الروضة : أي هو مع مميز كما يأتي إن كتب السهام لتخرج على أسماء الشركاء ( مميز ) عن البقية ( بحد أو جهة ) مثلا ( وتدرج ) الرقع ( في بنادق ) ويندب كونها في بنادق ( مستوية ) وزنا وشكلا من نحو طين أو شمع لأنها لو تفاوتت لربما سبقت اليد إلى الكبيرة وفيه ترجيح لصاحبها ، ولا ينحصر فيما ذكر بل يجوز نحو أقلام ومختلف كدواة وقلم ، ثم توضع في حجر من لم يحضر وكونه مغفلا أولى ( ثم يخرج من لم يحضرها ) أي الواقعة ( رقعة ) أما ( على الجزء الأول إن كتب الأسماء ) في الرقاع ( فيعطي من خرج اسمه ) ثم يؤمر بإخراج أخرى على الجزء الذي يليه وتعطى من خرج اسمه ويتعين الآخر للآخر بلا قرعة ، وكذا فيما يأتي ( أو ) يخرج ( على اسم زيد ) مثلا ( إن كتب الأجزاء ) أي أسماءها في الرقاع فيخرج رقعة على اسم زيد وأخرى على اسم عمرو وهكذا ، ومن يبتدأ به هنا وفيما قبله من الأجزاء أو الأسماء منوط بنظر القاسم إذ لا تهمة ولا تمييز ( فإن اختلفت الأنصباء كنصف وثلث وسدس ) في أرض أو نحوها ( جزئت الأرض ) أو نحوها ( على أقل السهام ) كستة هنا لتؤدي القليل والكثير بذلك من غير حيف ولا شطط ( وقسمت كما سبق ) لكن الأولى هنا كتابة الأسماء لأنه لو كتب الأجزاء وأخرج على الأسماء فربما خرج لصاحب السدس الجزء الثاني أو الخامس فيفرق بذلك ملك من له الثلث أو النصف ( و ) هو لا يجوز ، إذ يجب عليه أن ( يحترز عن تفريق حصة واحد ) والمجوزون لكتابة الأجزاء احترزوا عن التفريق بقولهم لا يخرج لصاحب السدس أولا لأن التفريق إنما جاء من قبله بل يبدأ بذي النصف ، فإن خرج على اسمه الجزء الأول أو الثاني أعطيهما والثالث ويثني بذي الثلث . فإن خرج على اسمه الجزء الرابع أعطيه والخامس ، وعلى هذا القياس وأخذ من ذلك أنه لو كان بينهما أرض مستوية الأجزاء ولأحدهما أرض تليها فطلب قسمتها ، وأن يكون نصيبه إلى جهة أرضه أجيب حيث لا ضرر كما قد يدل على ذلك قولهم في باب الصلح أجبر على قسمة عرصة ولو طولا ليختص كل بما يليه قبل البناء أو بعد الهدم ، ويوافقه قولهم لو أراد جمع من الشركاء بقاء شركتهم وطلبوا من الباقين أن يتميزوا عنهم بجانب ويكون حق المتفقين متصلا ، فإن كان نصيب كل لو انفرد لم ينتفع به أجيبوا . واعلم أنه قد يفهم مما ذكره في حالة تساوي الأجزاء واختلافها أن الشركاء الكاملين لو تراضوا على خلاف ذلك امتنع ، وهو غير مراد بل التفاوت جائز برضا جميعهم الكاملين وإن كان جزافا كما يظهر من إطلاقهم ولو في الربوي بناء على أن هذه القسمة إفراز [ ص: 288 ] لا بيع ، والربا إنما يتصور جريانه في العقد دون غيره ويعلم مما تقرر أنها لو كانت بيعا امتنع ذلك في الربوي ، إذ لا يجوز لأحد أخذ زائد على حقه فيه ولو مع الرضا فيأتي فيه هنا جميع ما مر في باب الربا في متحدي الجنس ومختلفيه وفي قاعدة مد عجوة . وتصح قسمة الإفراز فيما تعلقت الزكاة به قبل إخراجها ثم يخرج كل زكاة ما آل إليه ولا يتوقف صحة تصرف ما أخرج على إخراج الآخر ، وقد نقل وما لا يعظم ضرره قسمته أنواع الإمام عن الأصحاب أنهما لو تراضيا بالتفاوت جاز ، وما نازعهم به من أن الوجه منعه في الإفراز مردود ، ويؤيد ما ذكرناه تصريحهم بجواز قسمة الثمر على الشجر ولو مختلطا من نحو بسر ورطب ومنصف وتمر جاف خرصا بناء على أنها إفراز ، وهو صريح في ذلك ( الثاني ) القسمة ( بالتعديل ) بأن تعدل السهام بالقيمة ( كأرض تختلف قيمة أجزائها بحسب قوة إنبات وقرب ماء ) ونحوهما مما يرفع قيمة أحد الطرفين على الآخر كبستان بعضه نخل وبعضه عنب ودار بعضها من حجر وبعضها من لبن فيكون الثلث لجودته كالثلثين قيمة فيجعل سهما وهما سهمان إن كانت نصفين ، فإن اختلفت كنصف وثلث وسدس جعلت ستة أجزاء بالقيمة لا بالمساحة فعلم أنه لا بد من علم القيمة عند التجزئة ( ويجبر ) الممتنع منها ( عليها ) أي قسمة التعديل ( في الأظهر ) إلحاقا للتساوي في القيمة به في الأجزاء ، نعم إن أمكن قسمة الجيد وحده والرديء وحده لم يجبر عليها فيهما كأرضين يمكن قسمة كل منهما بالأجزاء فلا يجبر عن التعديل كما بحثاه ، ولا يمنع من الإجبار في المنقسم الحاجة إلى بقاء طريق ونحوها مشاعة بينهم يمر كل منهما فيها إلى ما خرج له إذا لم يمكن إفراد كل بطريق ، ولو اقتسما بالتراضي المتسفل لواحد والمستعلي لآخر ولم يتعرضا للسطح بقي مشتركا بينهما كما هو ظاهر وكأنه إنما لم ينظر لبقاء العلقة بينهما لأن السطح تابع كالطريق ، والثاني لا ، لاختلاف الأغراض والمنافع ( ولو استوت قيمة دارين أو حانوتين ) سواء أكانا متلاصقين أم لا ( فطلب جعل كل لواحد فلا إجبار ) لأن الأغراض تختلف باختلاف المحل والأبنية ، نعم لو اشتركا في دكاكين صغار متلاصقة مستوية القيمة لا يحتمل آحادها القسمة فطلب أحدهما قسمة أعيانها أجيب إن زالت الشركة بها ، قال الجيلي : إلا أن تنقص القيمة بقسمتها ، وخرج بقوله كل لواحد ما لو لم يطلب أحد خصوص ذلك فيجبر الممتنع ( أو ) استوت قيمة متقوم نحو ( عبيد أو ثياب من نوع ) وصنف واحد فطلب جعل كل لواحد كثلاثة أعبد مستوية كذلك بين ثلاثة وكثلاثة يساوي اثنان منها واحدا بين اثنين ( أجبر ) إن زالت الشركة بها لقلة اختلاف الأغراض فيها ( أو ) من ( نوعين ) أو صنفين كهندي وتركي وضائنتين مصرية وشامية استوت قيمتهما أم لا ، وكعبد وثوب ( فلا ) إجبار لشدة تعلق الغرض بكل نوع وعند الرضا بالتفاوت في قسمة هي بيع . قال الإمام : لا بد من لفظ البيع لأن لفظ القسمة يدل على التساوي ، لكن نازعه البلقيني إذا جرى أمر ملزم وهو القبض بالإذن : أي ويكون الزائد عند العلم كالموهوب المقبوض ، ولمستأجري أرض تناوبها وقسمتها وهل يدخلها الإجبار ؟ وجهان . وقضية الإجبار في كراء العقب [ ص: 289 ] الإجبار هنا إلا أن يفرق بتعذر الاجتماع على كل جزء من أجزاء المسافة فتعينت القسمة إذ لا يمكن استيفاؤهما المنفعة إلا بها بخلافها هنا وهو ظاهر ، ولو ملكا شجرا دون أرضه فالمتجه أنهما إن استحقا منفعتها على الدوام بنحو وقف لم يجبرا على القسمة أخذا مما مر عن الماوردي والروياني لأن استحقاق المنفعة الدائمة كملكها فلم تنقطع العلقة بينهما وإن لم يستحقاها ، كذلك أجبرا إن كانت إفرازا أو تعديلا ، ولا نظر لبقاء شركتهما في منفعة الأرض لأنها بصدد الانقضاء ، كما لا نظر لشركتهما في نحو التمر مما لا يمكن قسمته ، ويأتي في قسمتهما المنفعة الوجهان المتقدمان ( الثالث ) القسمة ( بالرد ) وهي التي يحتاج فيها لرد أحد الشريكين للآخر مالا أجنبيا ( بأن ) أي كأن ( يكون في أحد الجانبين ) ما يتميز به ، وليس في الآخر ما يعادله إلا بضم شيء من خارج إليه ومنه ( بئر أو شجر ) مثلا ( لا تمكن قسمته فيرد من يأخذه قسط قيمته ) أي نحو البئر أو الشجر ، فإذا كانت قيمة كل جانب ألفا وقيمة نحو البئر ألفا رد من أخذ جانبها خمسمائة ، وما اقتضته عبارة الروضة وأصلها والمحرر على ما قيل من رد الألف خطأ ، وما يمكن قسمته ردا وتعديلا يجاب طالب قسمته إجبارا وإلا اشترط اتفاقهما على واحدة بعينها ( ولا إجبار فيه ) أي في هذا النوع لأنه دخله ما لا شركة فيه وهو المال المردود ( وهو ) أي هذا النوع وهو قسمة الرد ( بيع ) لوجود حقيقته وهو مقابلة المال بالمال فثبتت أحكامه من نحو خيار وشفعة ، نعم لا يفتقر للفظ تمليك وقبول بل الرضا قائم مقامهما ، ولهما الاتفاق على أن من يأخذ النفيس يرد وأن يحكما القرعة ليرد من خرج له ( وكذا التعديل ) أي قسمته بيع ( على المذهب ) لأن كل جزء مشترك بينهما ، والطريق الثاني طرد القولين في قسمة الأجزاء ( وقسمة الأجزاء ) بإجبار أو دونه ( إفراز ) للحق : أي يتبين بها أن ما خرج لكل هو الذي ملكه كالذي في الذمة لا يتعين إلا بالقبض ( في الأظهر ) إذ لو كانت بيعا لما دخلها الإجبار ولما جاز فيها الاعتماد على القرعة .
ولا يشكل ذلك بقسمة التعديل فإنها بيع ودخلها الإجبار وجاز الاعتماد فيها على القرعة لأن كلا منهما لما انفرد ببعض المشترك بينهما صار كأنه باع ما كان له بما كان للآخر ، ولم نقل بالتبين كما قيل به في الإفراز للتوقف هنا على التقويم ، وهو تخمين قد يخطئ ، ومن ثم كانت قسمة الرد بيعا لذلك ، وإنما وقع الإجبار في قسمة التعديل للحاجة إليه كما يبيع الحاكم مال المدين جبرا ، ولم يقع في الرد لأنه إجبار على دفع مال غير مستحق وهو بعيد والثاني أنها بيع لأن ما من جزء من المال إلا وكان مشتركا بينهما ، فإذا اقتسما فكأنه باع كل منهما ما كان له في [ ص: 290 ] حصة صاحبه بما له في حصته ، وصححه الشيخان في أوائل الربا وزكاة المعشرات ، ويجوز ، سواء أكان الطالب المالك أم الناظر أم الموقوف عليهم ، ونظير ذلك ما في المجموع في الأضحية إذا اشترك جمع في بدنة أو بقرة لم تجز القسمة إن قلنا إنها بيع على المذهب وبين أرباب الوقف تمتنع مطلقا لأن فيه تغييرا لشرطه . قال قسمة الوقف من الملك أو وقف آخر إن كانت إفرازا لا بيعا البلقيني : هذا إذا صدر الوقف من واحد على سبيل واحد ، فإن صدر من اثنين فقد جزم الماوردي بجواز القسمة ، كما تجوز قسمة الوقف عن الملك وذلك أرجح من جهة المعنى وأفتيت به انتهى . وكلامه متدافع فيما إذا صدر من واحد على سبيلين أو عكسه ، والأقرب في الأول بمقتضى ما قاله الجواز ، وفي الثاني عدمه ، نعم لا تمتنع المهايأة حيث رضوا بها لانتفاء التغيير بها ولعدم لزومها