( ) كأن يكون لزيد مثلا على عمرو دين ولعمرو على بكر مثله فلزيد أن يأخذ من مال بكر ماله على عمرو ، ولا يمنع من ذلك رد عمرو وإقرار بكر له ولا جحود [ ص: 338 ] بكر استحقاق زيد على عمرو كذا في الروضة وكأصلها ويؤخذ منه علم الغريمين بالأخذ وتنزيل مال الثاني منزلة مال الأول ، كذا قاله الشارح لكن بإثبات الواو الثانية بعد قوله رد عمرو تبعا لما في نسخ الروضة المعتمدة ووقع في غيرها حذفها وهو أوضح من إثباتها ، وعلى الإثبات يبقى المعنى ولا يمنع من الأخذ رد عمرو ، والحال أن بكرا أقر له ، فلو رد عمرو قول من زعم أن له دينا على بكر ووافقه بكر على رد عمرو لم يجز الأخذ من مال بكر شيئا لعدم المقتضى ، وقوله ويؤخذ منه علم الغريمين بالأخذ في الأخذ تكلف ، وكأنه لما قال : لا يمنع من الأخذ رد عمرو إقرار بكر فهم بالإشارة أنه لما إن كان رد عمرو إقرار بكر لا يمنع علم أن عمرا علم بالأخذ . وله أخذ مال غريم غريمه
وأفهم قوله ولا جحود بكر دين زيد أن بكرا يعلم بأخذ زيد حتى يجحد دينه وأن له الأخذ ، ولا يخفى ما فيه إذ قد يعلم الآخذ قبل أخذه كلا من الأمرين ويقدم على الآخذ قبل علمهما نعم إن أراد أنه يؤخذ من قياسهم أخذ غريم الغريم على أخذ الغريم وأن من شرط القياس المساواة فقياس أخذ على أخذ إنما هو من حيث تساوى الأخذان فالذي يساوي أخذ من جاحد ولا بينة أو مقر ممتنع إلى آخره فإذا كان في ضرر على زيد لم يجز الأخذ وذلك فيما إذا أخذ من ماله من غير علم الغريم وغريم الغريم لأنه يؤدي إلى أن يدفع المال مرتين لعدم علمه بأخذ زيد وكذلك إذا لم يعلم عمرو بالأخذ من بكر فإن عمرا يطالب بكرا ظنا منه أنه باق في ذمته فلا يتأتى اندفاع الضرر إلا بعلمهما بالأخذ وحيث علما به يساوي أخذ مال الغريم بجامع أن كلا من الأخذين موصل للحق من غير ضرر ، وأيضا يؤخذ منه تنزيل مال غريم الغريم بقوله مال الغريم والأخذ من مال الغريم وأن جوازه مشروط بكونه جاحدا أو مماطلا فليكن المقيس مثله ، فإذا أخذ بإطلاقه جواز أخذ مال غريم الغريم لم ينزل ماله منزلة مال الغريم ، على أنه يمكن أن يقال إن التصريح بذلك اللزوم زيادة إيضاح وإلا فالتصوير المذكور يعلم منه علم الغريمين . أخذ مال غريم الغريم
أما علم الغريم فمن قولهم وإن رد عمرو إقرار بكر له وأما علم غريم غريمه فمن قولهم أو جحد بكر إلخ فاندفع ما يقال الغريم قد لا يعلم بالأخذ فيأخذ من مال غريمه فيؤدي إلى الأخذ مرتين وغريمه قد لا يعلم بذلك فيأخذ منه الغريم [ ص: 339 ] فيؤدي إلى ذلك أيضا ، ووجه اندفاعه أن المسألة مصورة بالعلم فلا يرد ذلك ( والأظهر أن المدعي ) ويعتبر فيه كونه معينا معصوما مكلفا أو سكران ولو محجورا عليه بسفه فيقول ووليي يستحق تسلمه ( من يخالف قوله الظاهر ) وهو براءة الذمة ( والمدعى عليه ) المتصف بما مر ( من يوافقه ) ولذلك جعلت البينة على المدعي لأنها أقوى من اليمين التي جعلت على المنكر لينجبر ضعف جانب المدعي بقوة حجته وضعف حجة المنكر بقوة جانبه كما مرت الإشارة إليه ، وهذه القاعدة تحوج إلى معرفة المدعي والمدعى عليه ليطالب كل منهما بحجته إذا تخاصما ، وقيل المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشيء والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت ، فإذا طالب زيد عمرا بحق فأنكر فزيد يخالف قوله الظاهر من براءة عمرو ولو سكت ترك وعمرو يوافق قوله الظاهر ، ولو سكت لم يترك فهو مدعى عليه وزيد مدع على القولين ولا يختلف موجبهما غالبا ، وقد يختلف كالمذكور بقوله .