الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط السراية ) أمران أحدهما اليسار كما علم مما مر .

                                                                                                                            [ ص: 387 ] ثانيهما ( إعتاقه ) أي تملكه بدليل التفريق الآتي ( باختياره ) ولو بتسببه فيه كأن اتهب بعض قريبه أو قبل الوصية له به ، وخرج بذلك ما لو عتق عليه بغير اختياره لا يقال : خرج به عتق المكره لأن ذاك شرط لأصل العتق وما هنا شرط للسراية مع وقوع العتق ثم عتقه عليه بغير اختياره له صور كثيرة منها الإرث ( فلو ورث بعض ولده ) مثلا ( لم يسر ) ما عتق منه إلى باقيه لأنه لا سبيل إلى السراية من غير عوض لما فيه من الإجحاف بالشريك ولا بعوض ، لأن التغريم سبيله سبيل غرامة المتلف ولم يوجد منه صنع وقصد إتلاف ، ومنها الرد بالعيب ، فلو باع شقصا ممن يعتق على وارثه كأن باع بعض ابن أخيه بثوب ومات ووارثه أخوه ثم اطلع مشتري الشقص على عيب فيه ورده فلا يسري كالإرث ، فإنه وجد الوارث بالثوب عيبا ورد واسترد الشقص عتق عليه وسرى على الأصح لاختياره فيه ، وقد تقع السراية من غير اختيار كأن وهب لقن بعض قريب سيده فقبله فيعتق ويسري على ما يأتي وعلى سيده قيمة باقيه . وأجيب عنه بأن فعل عبده كفعله كما مر في الدعوى عليه ( والمريض ) مرض الموت في عتق التبرع ( معسر إلا في ثلث ماله ) فلو أعتق في مرض موته نصيبه ولم يخرج من الثلث غيره فلا سراية وكذا إذا خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه فلا سراية في الباقي لما مر في الوصية ، لكن قال الزركشي : التحقيق أنه كالصحيح ، فإن شفي سرى ، وإن مات نظر لثلثه عند الموت ، فإن خرج بدل السراية من الثلث نفذ وإلا بأن رد الزائد ، والفرق بينه وبين المفلس تعلق حق الغرماء ، أما غير التبرع كما لو أعتق بعض رقيقه عن كفارة مرتبة بنية الكفارة فيسري ولا يقتصر على الثلث ( والميت معسر ) مطلقا فلا سراية عليه لانتقال تركته لورثته بموته ( فلو أوصى بعتق نصيبه ) بعد موته ( لم يسر ) وإن خرج كله من الثلث للانتقال المذكور ، ومن ثم لو أوصى بعتق بعض عبده لم يسر أيضا إلى باقيه نعم لو أوصى بالتكميل سرى لأنه حينئذ استبقى لنفسه قدر قيمته من الثلث

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : باختياره ) وليس من ذلك ما لو استدخلت ماءه المحترم بعد خروجه وحملت منه فلا سراية ( قوله : ويسري على ما يأتي ) أي على ما يأتي من الخلاف والمعتمد منه عدم السراية ( قوله : فلا سراية في الباقي ) معتمد ( قوله لكن قال الزركشي التحقيق إلخ ) هو عند التأمل لا يخالف ما قبله في الحكم لما قرره فيه من أنه إذا خرج بعض حصة شريكه من الثلث مع حصته عتق ما خرج وبقي الزائد ، ومفهومه أنه إذا خرج كله من الثلث عتق جميعه ( قوله : فإن شفى سرى ) أي إن كان موسرا ( قوله : عن كفارة مرتبة ) قضيته عدم السراية في المخيرة ويوجه بأنه لما لم يخاطب بخصوص العتق بل بالقدر المشترك الحاصل في كل من الخصال كان اختياره لخصوص العتق كالتبرع ، وعليه فيجب عليه خصلة غير العتق لأن بعض الرقبة لا يكون كفارة فليراجع ( قوله : ولا يقتصر على الثلث ) أي لأنها وجبت عليه كاملة ( قوله : مطلقا ) أي خلف تركة أم لا ( قوله : للانتقال المذكوي ) أي في قوله لانتقال تركته .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 387 ] قوله : ولو بتسببه ) كان المناسب خلاف هذا الصنيع لأن هذا جواب ثان عن عدم ملاءمة التفريع الآتي في المتن لقوله إعتاقه .

                                                                                                                            والجواب عنه من وجهين : الأول إبقاء الإعتاق على حقيقته وتقدير شيء يتنزل عليه التفريع ويكون التفريع دليل التقدير ، وهذا هو الذي أشار إليه بقوله أو تملكه إلخ .

                                                                                                                            والثاني استعمال الإعتاق فيما يشمل التسبب فيه وهو المشار عليه بقوله ولو بتسببه فيه فتأمل ( قوله : لكن قال الزركشي إلخ ) هذا لا موقع له بعد تقييده فيما مر المرض بمرض الموت فكان ينبغي حذفه فيما مر حتى يتأتى تفصيل الزركشي ( قوله نعم لو أوصى إلخ ) هو استدراك على المتن .




                                                                                                                            الخدمات العلمية