( وكل مسلم ارتد فتوبته مقبولة إلا ) جماعة من تكررت ردته على ما مر و ( الكافر بسب نبي ) من الأنبياء فإنه يقتل حدا [ ص: 232 ] ولا تقبل توبته مطلقا ، ولو سب الله تعالى قبلت لأنه حق الله تعالى ، والأول حق عبد لا يزول بالتوبة ، ومن شك في عذابه وكفره كفر ، وتمامه في الدرر في فصل الجزية معزيا للبزازية ، وكذا لو أبغضه بالقلب فتح وأشباه . وفي فتاوى المصنف : ويجب إلحاق الاستهزاء والاستخفاف به لتعلق حقه أيضا . وفيها : سئل عمن قال لشريف لعن الله والديك ووالدي الذين خلفوك . فأجاب : الجمع المضاف يعم ما لم يتحقق عهد ، خلافا لأبي هاشم وإمام الحرمين كما في جمع الجوامع ، وحينئذ فيعم حضرة الرسالة فينبغي القول بكفره ، وإذا كفر بسبه لا توبة له على ما ذكره البزازي وتوارده الشارحون ، نعم لو لوحظ قول أبي هاشم وإمام الحرمين باحتمال العهد فلا كفر ، وهو اللائق بمذهبنا لتصريحهم بالميل إلى ما لا يكفر . وفيها : من نقص مقام الرسالة بقوله بأن سبه صلى الله عليه وسلم أو بفعله بأن بغضه بقلبه قتل حدا كما مر التصريح به ، لكن صرح في آخر الشفاء بأن حكمه كالمرتد ، [ ص: 233 ] ومفاده قبول التوبة كما لا يخفى ، زاد المصنف في شرحه : وقد سمعت من مفتي الحنفية بمصر شيخ الإسلام ابن عبد العال أن الكمال وغيره تبعوا البزازي [ ص: 234 ] والبزازي تبع صاحب [ السيف المسلول ] عزاه إليه ولم يعزه لأحد من علماء الحنفية وقد صرح في النتف ومعين الحكام وشرح الطحاوي وحاوي الزاهدي وغيرها بأن حكمه كالمرتد ولفظ النتف من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مرتد وحكمه حكم المرتد ويفعل به ما يفعل بالمرتد انتهى .
- [ ص: 235 ] وهو ظاهر في قبول توبته كما مر عن الشفاء ا هـ فليحفظ . قلت : وظاهر الشفاء أن قوله يا ابن ألف خنزير أو يا ابن مائة كلب ، وأن قوله لهاشمي لعن الله بني هاشم كذلك وأن شتم الملائكة كالأنبياء فليحرر . ومن حوادث الفتوى ما لو حكم حنفي بكفره بسب نبي هل للشافعي أن يحكم بقبول توبته ، الظاهر نعم لأنها حادثة أخرى وإن حكم بموجبه نهر . قلت : ثم رأيت في معروضات المفتي أبي السعود سؤالا ملخصه : أن طالب علم ذكر عنده حديث نبوي فقال أكل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم صدق يعمل بها . فأجاب بأنه يكفر أولا بسبب استفهامه الإنكاري ، وثانيا بإلحاقه الشين للنبي صلى الله عليه وسلم ففي كفره الأول عن اعتقاده يؤمر بتجديد الإيمان فلا يقتل ، والثاني يفيد الزندقة ، -
. [ ص: 236 ] فبعد أخذه لا تقبل توبته اتفاقا فيقتل ، وقبله اختلف في قبول توبته ، فعند أبي حنيفة تقبل فلا يقتل وعند بقية الأئمة لا تقبل ويقتل حدا فلذلك ورد أمر سلطاني في سنة 944 لقضاة الممالك المحمية برعاية رأي الجانبين بأنه إن ظهر صلاحه وحسن توبته وإسلامه لا يقتل ، ويكتفى بتعزيره وحبسه عملا بقول الإمام الأعظم وإن لم يكن من أناس يفهم خيرهم يقتل عملا بقول الأئمة ، ثم في سنة 955 تقرر هذا الأمر بآخر ، فينظر القائل من أي الفريقين هو فيعمل بمقتضاه ا هـ فليحفظ ، وليكن التوفيق


