الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1739 411 - حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة - رضي الله تعالى عنه- قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو محرم بلحي جمل في وسط رأسه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة؛ الأول: خالد بن مخلد، بفتح الميم، البجلي، قال الواقدي: مات بالكوفة في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين.

                                                                                                                                                                                  الثاني: سليمان بن بلال أبو أيوب، ويقال: أبو محمد القرشي التيمي.

                                                                                                                                                                                  الثالث: علقمة بن أبي علقمة، واسمه بلال مولى عائشة أم المؤمنين، مات في أول خلافة أبي جعفر.

                                                                                                                                                                                  الرابع: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.

                                                                                                                                                                                  الخامس: عبد الله بن بحينة، بضم الباء الموحدة وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون، وهو عبد الله بن مالك بن القشب، وبحينة أمه، وهي بنت الأرت.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه أن شيخه كوفي، والبقية مدنيون، وفيه أن علقمة ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وفيه رواية التابعي عن التابعي؛ لأن علقمة تابعي صغير، سمع أنسا، وفيه سليمان بن بلال، عن علقمة.

                                                                                                                                                                                  وفي رواية النسائي من طريق محمد بن خالد، عن سليمان، أخبرني علقمة، وفيه عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة.

                                                                                                                                                                                  وفي رواية البخاري في الطب عن إسماعيل، وهو ابن أبي أويس، عن سليمان، عن علقمة أنه سمع عبد الرحمن الأعرج أنه سمع عبد الله بن بحينة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الطب عن إسماعيل، وأخرجه مسلم في الحج أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأخرجه النسائي فيه عن هلال بن بشر، وأخرجه ابن ماجه فيه، عن أبي بكر بن أبي شيبة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: " وهو محرم" جملة اسمية وقعت حالا، قوله: " بلحي جمل" بفتح اللام، ويروى بكسرها، وسكون الحاء المهملة بعدها ياء آخر الحروف، وفتح الجيم بعدها ميم ولام، وهو اسم موضع بين المدينة ومكة، وهو إلى المدينة أقرب، وقد وقع مبينا في رواية إسماعيل: " بلحي جمل من طريق مكة".

                                                                                                                                                                                  وذكر البكري في معجمه في رسم العقيق قال: هي بئر جمل التي ورد ذكرها في حديث أبي جهم، وهو الذي مضى في التيمم، وقال غيره: هي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا، ووقع في رواية أبي ذر: " بلحيي جمل" بصيغة التثنية، ووقع لغيره بالإفراد، ومن زعم أنه فكا الجمل الحيوان المعروف، وأنه كان آلة الحجم فقد أخطأ، وجزم الحازمي وغيره بأن ذلك كان في حجة الوداع.

                                                                                                                                                                                  قوله: " في وسط رأسه" بفتح السين، وقال الكرماني: المشهور أن الوسط، بفتح السين، هو كمركز الدائرة وبسكونها أعم من ذلك، والأول اسم، والثاني ظرف، وفي حديث الموطأ: " احتجم فوق رأسه بلحي جمل"، وروي أنه قال: إنها شفاء من النعاس والصداع والأضراس، وقال الليث: ليست في وسط الرأس إنما هي في فأس الرأس، وأما التي في وسط الرأس فربما أعمت! وفي الطبقات لابن سعد: حجمه أبو ظبية لثماني عشرة من شهر رمضان نهارا من حديث جابر، ومن حديث ابن عباس احتجم بالقاحة وهو صائم محرم، وفي لفظ: " محرم من أكلة أكلها من شاة سمتها امرأة من أهل خيبر".

                                                                                                                                                                                  وفي حديث بكير بن الأشج: احتجم في القمحدودة، وفي حديث عبد الله بن عمر بن عبد العزيز كان يسميها منقدا، وفي حديث أنس: المغيثة، وفي المستدرك على شرطهما: " عن أنس أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم- احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به وقد مر عن قريب. وفي تعليق البخاري: " من شقيقة كانت به".

                                                                                                                                                                                  واستدل بهذا الحديث على جواز الفصد، وبط الجرح والدمل، وقطع العرق، وقلع الضرس وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نهي المحرم عنه من تناول الطيب، وقطع الشعر، ولا فدية عليه في شيء من ذلك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية