الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1676 343 - حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما كان منزل ينزله النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه، تعني بالأبطح.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وسفيان هو الثوري، وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام، وفي رواية الإسماعيلي من طريق يزيد بن هارون عن سفيان، حدثنا هشام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إنما كان منزل" ويروى: " منزلا" على أنه خبر "كان"، أي: إنما كان المحصب منزلا ينزله النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من السنة، والدليل عليه ما رواه مسلم من طريق عبيد الله بن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أسمح" أي: أسهل لتوجهه إلى المدينة ليستوي في ذلك البطيء والمعتدل، ويكون مبيتهم وقيامهم من السحر، ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): ما وجه الرفع في "منزل".

                                                                                                                                                                                  (قلت): فيه وجوه: الأول: أن يجعل "ما" في "إنما" بمعنى الذي، واسم كان الضمير الذي فيه يعود على المحصب، وخبره محذوف تقديره: إن المنزل الذي كان المحصب إياه منزل، فيكون ارتفاع "منزل" بكونه خبر "إن". الثاني: أن تكون "ما" كافة، و"منزل" اسم كان وخبرها ضمير عائد إلى المحصب، فحذف الضمير لكن يلزم أن يكون الاسم نكرة والخبر معرفة، وذلك جائز. الثالث: أن يكون "منزلا" منصوبا في اللفظ إلا أنه كتب بالألف على اللغة الربيعية. قوله: " بالأبطح" وفي رواية الكشميهني" " الأبطح" بلا باء، والباء في الرواية التي هي فيها تتعلق بقوله: " ينزل"، وقال الخطابي: التحصيب هو أنه إذا نفر من منى إلى مكة للتوديع يقيم بالمحصب حتى يهجع به ساعة ثم يدخل مكة، وليس بشيء؛ أي: [ ص: 101 ] ليس بنسك من مناسك الحج، إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستراحة، وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري: التحصيب مستحب عند جميع العلماء، وقال شيخنا زين الدين: وفيه نظر؛ لأن الترمذي حكى استحبابه عن بعض أهل العلم، وحكى النووي استحبابه عن مذهب الشافعي ومالك والجمهور، وهذا هو الصواب، وقد كان من أهل العلم من لا يستحبه؛ فكانت أسماء وعروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهما لا يحصبان، حكاه ابن عبد البر في الاستذكار عنهما، وكذلك سعيد بن جبير فقيل لإبراهيم: إن سعيد بن جبير لا يفعله، فقال: قد كان يفعله ثم بدا له، وقال ابن بطال: وكانت عائشة لا تحصب، ولا أسماء، وهو مذهب عروة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية