الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1741 (وقال مالك، عن نافع، عن ابن عمر: لا تتنقب المحرمة).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا في الموطأ كما قال مالك، وهو اقتصره على الموقوف فقط. وقد اختلف في قوله: " لا تنتقب المرأة " في رفعه ووقفه؛ فنقل الحاكم عن شيخه علي النيسابوري أنه من قول ابن عمر، أدرج في الحديث. وقال الخطابي في المعالم: وعللوه بأن ذكر القفازين إنما هو قول ابن عمر، ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعلق الشافعي القول في ذلك، وقال البيهقي في المعرفة: إنه رواه الليث مدرجا، وقد استشكل الشيخ تقي الدين في الإمام الحكم بالإدراج في هذا الحديث من وجهين:

                                                                                                                                                                                  الأول: لورود النهي عن النقاب والقفازين مفردا مرفوعا، فروى أبو داود من رواية إبراهيم بن سعد المدني، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين".

                                                                                                                                                                                  والوجه الثاني أنه جاء النهي عن القفازين مبتدأ به في صدر الحديث، مسندا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- سابقا على النهي عن غيره، قال: وهذا يمنع من الإدراج ويخالف الطريق المشهورة، فروى أبو داود أيضا من حديث ابن إسحاق قال: فإن نافعا مولى عبد الله بن عمر، حدثني: " عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب؛ معصفرا، أو خزا، أو حليا، وسراويل أو قمصا".

                                                                                                                                                                                  وقال شيخنا زين الدين : في الوجه الأول قرينة تدل على عدم الإدراج، فإن الحديث ضعيف؛ لأن إبراهيم بن سعيد المدني مجهول، وقد ذكره ابن عدي مقتصرا على ذكر النقاب، وقال: لا يتابع إبراهيم بن سعيد هذا على رفعه، قال: ورواه جماعة، عن نافع من قول ابن عمر. وقال الذهبي في الميزان: إن إبراهيم بن سعيد هذا منكر الحديث غير معروف، ثم قال: له حديث واحد في الإحرام، أخرجه أبو داود ، وسكت عنه، فهو مقارب الحال.

                                                                                                                                                                                  وفي الوجه الثاني ابن إسحاق، وهو لا شك دون عبيد الله بن عمر في الحفظ والإتقان، وقد فصل الموقوف من المرفوع. وقول الشيخ: إن هذا يمنع من الإدراج مخالف لقوله في الاقتراح: إنه يضعف لا يمنعه، فلعل بعض من ظنه مرفوعا قدمه، والتقديم والتأخير في الحديث سائغ، بناء على جواز الرواية بالمعنى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية