الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1805 14 - (حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم" وقد مضى هذا الحديث قبل هذا بخمسة أبواب، وهو باب فضل الصوم، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وهنا أخرجه عن إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي الفراء أبو إسحاق الرازي - يعرف بالصغير- عن هشام بن يوسف أبي عبد الرحمن الصنعاني اليماني، قاضيها عن عبد الملك بن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي صالح ذكوان الزيات السمان، عن أبي هريرة، وهاهنا زيادة وهي قوله: " فلا يصخب" ، وهناك: " ولا يجهل"، وقوله: " للصائم فرحتان.." إلى آخره، وقد مضى الكلام فيه مستوفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولا يصخب" بالصاد المهملة والخاء المعجمة في رواية الأكثرين، وروى بعضهم: " ولا يسخب" بالسين بدل الصاد، ومعناهما واحد وهو الخصام والصياح. قوله: " لخلوف" بضم الخاء وبالواو بعد اللام في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: " لخلف" بحذف الواو، وقال بعضهم: كأنها صيغة جمع، وسكت ولم يبين مفرده ما هو؟ والظاهر أنه جمع خلفة، بالكسر، وقال ابن الأثير: الخلفة بالكسر: تغير ريح الفم، وأصلها في النبات أن ينبت الشيء بعد الشيء لأنها رائحة حدثت بعد الرائحة الأولى، وروي في غير البخاري بهذه اللفظة، أعني خلفة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " للصائم فرحتان" جملة اسمية من المبتدأ المؤخر والخبر المقدم. قوله: " يفرحهما" ؛ أي: يفرح بهما، فحذف الجار وأوصل الضمير كما في قوله تعالى فليصمه أي: فليصم فيه أو هو مفعول مطلق، فأصله: يفرح الفرحتين، فجعل الضمير بدله نحو: عبد الله أظنه منطلق. قوله: " إذا أفطر فرح" ، وفي رواية مسلم: " بفطره"، وقال القرطبي: معناه فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم، وقيل: إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه. قوله: " فرح بصومه" ؛ أي: بجزائه وثوابه، وقيل: هو السرور بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه. وقال ابن العربي: فرحه عند إفطاره بلذة الغذاء عند الفقهاء، وبخلوص الصوم من الرفث واللغو عند الفقراء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية