الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2095 151 - ( حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأكل جمارا ، فقال : من الشجر شجرة كالرجل المؤمن ، فأردت أن أقول هي النخلة ، فإذا أنا أحدثهم ، قال : هي النخلة ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذه الترجمة لها جزءان : أحدهما بيع الجمار ، والآخر أكله ، وليس في الحديث إلا الأكل ، وقال الكرماني : ما الذي يدل على بيع الجمار ؟ ثم قال : جواز أكله ، ولعل الحديث مختصر مما فيه ذلك أو غرضه الإشارة إلى أنه لم يجد حديثا يدل عليه بشرطه ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : الجواب الأول أوجه من الآخرين ، وعن هذا قال ابن بطال : بيع الجمار وأكله من المباحات بلا خلاف ، وكل ما انتفع به للأكل فبيعه جائز ، وقال بعضهم : فائدة الترجمة دفع توهم المنع من ذلك لكونه قد يظن إفسادا وإضاعة وليس كذلك .

                                                                                                                                                                                  قلت : المقصود من الترجمة أن يدل على شيء في الحديث الذي يورده في بابها ، وهذا الذي قاله أجنبي من ذلك ، وليس بشيء على ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث قد مضى في كتاب العلم في باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ، فإنه أخرجه هناك عن خالد بن مخلد ، عن سليمان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، وهنا أخرجه عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، عن أبي عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، عن أبي بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس البصري إلى آخره ، وقد مضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : وهو يأكل جمارا جملة حالية وهذه الجملة ليست مذكورة هناك ، فلذلك هنا ترجم للأكل ، قوله : فإذا أنا كلمة إذا للمفاجأة ، وقوله أحدثهم جوابها أي : أصغرهم ، فمعنى الصغر في السن أن أتقدم على الأكابر وأتكلم بحضورهم .

                                                                                                                                                                                  وفيه أكل الشارع بحضرة القوم تواضعا ، ولا عبرة بقول بعضهم : إنه يكره إظهاره ، وإنه يخفى مدخله كما يخفى مخرجه . وفيه مراعاة الصغار الأدب بحضور الكبار .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية