الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( وقال nindex.php?page=showalam&ids=11863أبو الزناد عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - nindex.php?page=treesubj&link=25855_27989_33502بعثه مصدقا ، فوقع رجلا على جارية امرأته ، فأخذ حمزة من الرجل كفيلا حتى قدم على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قد جلده مائة جلدة ، فصدقهم وعذره بالجهالة ) .
مطابقته للترجمة في قوله : فأخذه حمزة من الرجل كفيلا ، nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد بكسر الزاي وتخفيف النون عبد الله بن ذكوان ، وقد تكرر ذكره ، ومحمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي حجازي ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في ( الثقات ) ، وروى له nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في اليوم والليلة ، nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ، وأبو حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث الأعرج الأسلمي يكنى أبا صالح ، وقيل : أبا محمد ، مات سنة إحدى وستين ، وله صحبة ورواية .
وهذا التعليق وصله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي فقال : حدثنا ابن أبي داود وقال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد قال : حدثني أبي عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه - بعثه مصدقا على سعد بن هذيم ، فأتى حمزة بمال ليصدقه ، فإذا رجل يقول لامرأته : أدي صدقة مال مولاك ، وإذا المرأة تقول له : بل أنت فأد صدقة مال أبيك ، فسأله حمزة عن أمرها وقولهما ، فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة ، وأنه وقع على جارية لها فولدت ولدا فأعتقته امرأته ، قالوا : فهذا المال لابنه من جاريتها ، فقال له حمزة : لأرجمنك بالحجارة ، فقيل له : أصلحك الله إن أمره قد رفع إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فجلده nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مائة ، ولم ير عليه الرجم ، فأخذ حمزة بالرجل كفيلا حتى يقدم على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فيسأله عما ذكر من جلد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إياه ولم ير عليه رجما ، فصدقهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بذلك من قولهم ، وقال : إنما درأ عنه الرجم عذره بالجهالة ، انتهى .
قوله : " مصدقا " بتشديد الدال المكسورة على صيغة اسم الفاعل من التصديق ، أي أخذ الصدقة عاملا عليها ، فصدقهم بالتخفيف ، أي صدق الرجل للقوم واعترف بما وقع منه لكنه اعتذر بأنه لم يكن عالما بحرمة وطء جارية امرأته ، أو بأنها جاريتها ; لأنها التبست واشتبهت بجارية نفسه أو بزوجته ، أو صدق عمر الكفلاء فيما كانوا يدعونه أنه قد جلده مرة لذلك ، ويحتمل أن يكون الصدق بمعنى الإكرام ، كقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55في مقعد صدق أي كريم ، فمعناه فأكرم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه - الكفلاء ، وعذر الرجل بجهالة الحرمة أو الاشتباه ، قوله : " فأخذ حمزة من الرجل كفيلا " ليس المراد من الكفالة هاهنا الكفالة الفقهية بل المراد التعهد والضبط عن حال الرجل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : كان ذلك على سبيل الترهيب على المكفول ببدنه والاستيثاق لا أن ذلك لازم للكفيل إذا زال المكفول به .
واستفيد من هذه القصة nindex.php?page=treesubj&link=16650مشروعية الكفالة بالأبدان ، فإن حمزة بن عمرو صحابي ، وقد فعله ولم ينكر عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه - مع كثرة الصحابة حينئذ ، وإنما جلد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله تعالى عنه - للرجل مائة تعزيرا وكان ذلك بحضرة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال ابن التين : فيه شاهد لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في nindex.php?page=treesubj&link=10612مجاوزة الإمام في التعزير قدر الحد ، ورد عليه بأنه فعل صحابي عارضه مرفوع صحيح فلا حجة فيه .
قلت : هذا الباب فيه خلاف بين العلماء ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف في قول ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي : أن nindex.php?page=treesubj&link=10612التعزير ليس له مقدار محدود ويجوز للإمام أن يبلغ به ما رآه ، وأن يتجاوز به الحدود ، وقالت طائفة : التعزير مائة جلدة فأقل ، وقالت طائفة : أكثر التعزير مائة جلدة إلا جلدة ، وقالت طائفة : أكثره تسعة وتسعون سوطا فأقل ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف في رواية ، وقالت طائفة : أكثره ثلاثون سوطا ، وقالت طائفة : أكثره [ ص: 115 ] عشرون سوطا ، وقالت طائفة : لا يتجاوز بالتعزير تسعة ، وهو بعض قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقالت طائفة : أكثره عشرة أسواط فأقل ، لا يتجاوز به أكثر من ذلك ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحاب الظاهر ، وأجابوا عن الحديث المرفوع ، وهو قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=696120لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله " بأنه في حق من يرتدع بالردع ويؤثر فيه أدنى الزجر ، كأشراف الناس وأشراف أشرافهم ، وأما السفلة وأسقاط الناس فلا يؤثر فيهم عشر جلدات ولا عشرون ، فيعزرهم الإمام بحسب ما يراه ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي حديث حمزة بن عمرو المذكور في باب الرجل يزني بجارية امرأته ، فروى في أول الباب حديث سلمة بن المحبق nindex.php?page=hadith&LINKID=669570أن رجلا زنى بجارية امرأته ، فقال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - " إن كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها ، وإن كانت طاوعة فهي له وعليه مثلها " ، ثم قال : فذهب قوم إلى هذا الحديث وقالوا : هذا هو الحكم فيمن زنى بجارية امرأته . ( قلت ) أراد بالقوم nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وعامر بن مطر وقبيصة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : بل نرى عليه الرجم إن كان محصنا ، والجلد إن كان غير محصن ( قلت ) أراد بالآخرين هؤلاء جماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم منهم nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وأصحابهم ثم أجابوا عن حديث سلمة بن المحبق أنه منسوخ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود : أن رجلا ، يقال له : عبد الرحمن بن حنين ، وقع على جارية امرأته ، فرفع إلى nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ، وهو أمير على الكوفة ، فقال : لأقضين فيك بقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة ، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة ، فوجدوها أحلتها له فجلده مائة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : فثبت بهذا ما رواه النعمان ، ونسخ ما رواه سلمة بن المحبق ، قالوا : قد عمل nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما في حديث سلمة فأجاب nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن هذا بقوله : وخالفه في ذلك حمزة بن عمرو الأسلمي ، وساق حديثه على ما ذكرناه آنفا ، وقال أيضا : وقد أنكر علي - رضي الله تعالى عنه - على nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في هذا قضاءه بما قد نسخ فقال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12225أحمد بن الحسن قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم عن nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : ذكر nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي - رضي الله تعالى عنه - شأن الرجل الذي أتى nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وامرأته ، وقد وقع على جارية امرأته ، فلم ير عليه حدا ، فقال علي : لو أتاني صاحب ابن أم عبد لرضخت رأسه بالحجارة ، لم يدر ابن أم عبد ما حدث بعده ، فأخبر علي - رضي الله تعالى عنه - أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود تعلق في ذلك بأمر قد كان ثم نسخ بعده فلم يعلم nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بذلك ، وقد خالف nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة بن قيس النخعي عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في الحكم المذكور ، وذهب إلى قول من خالف عبد الله ، والحال أن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة أعلم أصحاب عبد الله بعبد الله وأجلهم ، فلو لم يثبت نسخ ما كان ذهب إليه عبد الله لما خالف قوله مع جلالة قدر عبد الله عنده .