الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2198 4 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن يزيد بن خصيفة أن السائب بن يزيد ، حدثه أنه سمع سفيان بن أبي زهير رجلا من أزد شنوءة ، وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص كل يوم من عمله قيراط . قلت : أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : إي ورب هذا المسجد .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " لا يغني عنه " زرعا ، ويزيد من الزيادة ابن عبد الله بن خصيفة بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف ، وبالفاء تصغير خصفة ، مر في باب رفع الصوت في المساجد ، والسائب بن يزيد من الزيادة صحابي صغير مشهور ، وسفيان بن أبي زهير مصغر زهر ، واسمه القرد بفتح القاف والراء الأزدي الشنائي ، وهو من السراة يعد في أهل المدينة .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : ورجال الإسناد كلهم مدنيون .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : عبد الله بن يوسف شيخ البخاري تنيسي ، أصله من دمشق ، وفي هذا الإسناد رواية صحابي عن صحابي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) :

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم في البيوع عن يحيى بن يحيى عن مالك به ، وعن يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر ، وأخرجه النسائي في الصيد عن علي بن حجر به ، وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد ، عن مالك به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) :

                                                                                                                                                                                  قوله : " رجلا " بالنصب ويروى بالرفع ، وجه النصب على تقدير أعني أو أخص ، ووجه الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو رجل من أزد شنوءة بفتح الشين المعجمة وضم النون وسكون الواو وفتح الهمزة ، قال بعضهم : وهي قبيلة مشهورة نسبوا إلى شنوءة ، واسمه الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد . ( قلت ) : قال ابن هشام : وشنوءة هو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ، فدل على أن اسم شنوءة عبد الله لا الحارث ، والمرجع فيه إلى ابن هشام وأمثاله لا إلى غيرهم ، قال الرشاطي : وإنما قيل أزد شنوءة لشنآن كان بينهم ، والشنآن : البغض ، قال يعقوب : والنسبة إليه شنئي ، قال : ويقال شنوة بتشديد الواو غير مهموز ، وينسب إليه الشنوي ، ويقال أيضا في النسبة إلى شنوءة شنائي ، ويقال الشنئ بفتح الشين وضم النون وكسر الهمزة ، ويقال أيضا الشنوئي بفتح الشين وضم النون وسكون الواو وكسر الهمزة ، فهذه النسبة على أربعة أوجه ، وقد بسطنا الكلام : فيه في شرحنا لمعاني الآثار .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لا يغني " من الإغناء . قوله : " عنه " ، أي : عن الكلب ، ويروى " لا يغنى به " ، أي : لا ينفع بسببه أو لا يقيم به . قوله : " ولا ضرعا " الضرع اسم لكل ذات ظلف وخف ، وهذا كناية عن الماشية . قوله : " أنت سمعت " هذا للتثبيت في الحديث . قوله : " ورب هذا المسجد " قسم للتأكيد .

                                                                                                                                                                                  واستدل بالحديث بعض المالكية على طهارة الكلب الجائز اتخاذه ; لأن في ملابسته مع الاحتراز عنه مشقة شديدة قالوا : الإذن في اتخاذه إذن في مكملات مقصوده ، قلنا : وهذا يعارضه حديث الأمر من غسل ما ولغ فيه الكلب سبع مرات ، فإن قالوا : هذا أمر تعبدي ، فلا يستلزم النجاسة ، قلنا : الخبر عام ، فبعمومه يدل على أن الغسل لنجاسته . ومن فوائده الحث على تكثير الأعمال الصالحة والتحذير من الأعمال التي في ارتكابها نقص الأجر .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية