الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
63 ص: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16638علي بن معبد، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12045ذكوان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - قال: " nindex.php?page=hadith&LINKID=676873nindex.php?page=treesubj&link=25938_26978_608_609إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات". .
ش: رجاله رجال الصحيح ما خلا شيخ nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش اسمه سليمان .
وذكوان هو أبو صالح الزيات .
وأخرجه الجماعة على ما نذكره.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : عن nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد ، عن عباس بن الوليد النرسي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح وأبي رزين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=676873 "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات" .
قوله: "إذا ولغ" قد استقصينا تفسير الولوغ في الباب الذي قبله.
واستنبط منه أحكام:
الأول: استدلت به جماعة على وجوب غسل الإناء سبع مرات عند ولوغ الكلب، وسيأتي بيانه مفصلا.
الثاني: أن ظاهر الأمر بالغسل يدل على نجاسة الإناء والماء، ويؤيد ذلك الرواية الأخرى: nindex.php?page=hadith&LINKID=10681nindex.php?page=treesubj&link=25938 "طهور إنائكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" .
[ ص: 168 ] رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ; وذلك لأن الطهارة تارة تستعمل عن الحدث وتارة عن الخبث، ولا حدث على الإناء فبقي الخبث، وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فحمله على التعبد; لاعتقاده طهارة الماء والإناء، وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص بالسبع; لأنه لو كان للنجاسة لاكتفي بما دون السبع; فإنه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة وقد اكتفي فيها بما دون السبع، والحمل على الأول وهو التنجس أقوى; لأنه شيء دار الحكم بين كونه تعبدا وبين كونه معقول المعنى، فالثاني أولى لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى، وأما كونه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة فممنوع.
الثالث: أن العلة من الحكم المذكور هي النجاسة، وقيل: القذارة لاستعماله النجاسات، وقيل: علته لأنهم نهوا عن اتخاذه فلم ينتهوا; فغلظ عليهم بذلك، ومنهم من قال: إن ذلك معلل بما يتقى من كلب الكلب، والعدد السبع قد جاء في مواضع من الشرع على جهة الطب والتداوي، وفيه نظر; لأن الكلب الكلب لا يقرب الماء; على ذلك جماعة من الأطباء.
الرابع: أن ظاهر الأمر فيه يدل على الوجوب، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه للندب، وقد اتفق أصحابنا وجمهور الشافعية وجماعة من المعتزلة على أن الأمر المطلق -أي المتجرد عن القرائن الدالة على الوجوب أو العدم- أنه للوجوب وأنه حقيقة فيه، مجاز فيما سواه، وذهب بعض فقهاء أهل السنة وجماعة من المعتزلة إلى أنه حقيقة في الندب مجاز فيما سواه، وذهب طائفة إلى أنه حقيقة للطلب المشترك بين الوجوب والندب، وهو ترجيح الفعل على الترك فتكون من الاشتراك المعنوي، وقيل: مشترك بينهما باشتراك لفظي، وقيل: مشترك بين الوجوب والندب والإباحة بالاشتراك اللفظي.
[ ص: 169 ] الخامس: أن لفظ الإناء أعم من أن يكون إناء ماء، أو إناء مائع آخر، أو إناء طعام، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يغسل إلا إناء الطعام -وهو نص المدونة- لأنه مصون.
السادس: أن ظاهر الحديث عام في جميع الكلاب، وفي مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أربعة أقوال: طهارته، ونجاسته، وطهارة سؤر المأذون في اتخاذه دون غيره، والرابع لابن الماجشون : يفرق بين البدوي والحضري.
ثم اختلف أصحابنا في الكلب هل هو نجس العين كالخنزير أم لا؟ والأصح أنه ليس بنجس العين، كذا في "البدائع" وفي "الإيضاح": فأما عين الكلب فقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد أنه نجس، وكذا عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وبعضهم قالوا: هو طاهر; بدلالة طهارة جلده بالدباغ.
وقال في فصل مسائل البئر: فأما الحيوان النجس كالكلب والخنزير والسباع ينزح كله; لأنه نجس في عينه، ولهذا قالوا في كلب إذا ابتل وانتضح منه على ثوب أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة فيه، وذكر في "قنية المنية": الذي صح عندي من الروايات في "النوادر والأمالي" أن الكلب نجس العين عندهما، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ليس بنجس العين، وفائدته تظهر في كلب وقع في بئر وخرج حيا فأصاب ثوب إنسان، ينجس الماء والثوب عندهما; خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله.
السابع: أن الظاهرية تعلقوا بظاهر ألفاظ الحديث وحكموا بأشياء مخالفة للإجماع، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : فإن nindex.php?page=treesubj&link=25938_26978أكل الكلب في الإناء ولم يلغ فيه أو أدخل رجله أو ذنبه أو وقع بكله فيه لم يلزم غسل الإناء ولا يهراق ما فيه البتة، وهو طاهر حلال كله كما كان، وكذا لو ولغ الكلب في بقعة في الأرض أو في يد إنسان أو فيما لا يسمى إناء فلا يلزم غسل شيء من ذلك ولا يهراق ما فيه.